الاثنين، 11 فبراير 2013

هل ستغلق القلوب أيضا ؟

هل ستغلق القلوب أيضا ؟

أيضا خبر القرار السعودي بتقييد الإفتاء الديني ، بحصره في جهات رسمية تحددها السلطة ، من الأخبار التي لا تتأثر صلاحيتها للتعليق بمرور بعض الوقت عليها ، و ذلك للأسباب التالية :
أولا : إنه يتعارض مع طبيعة الإسلام التعددية ، فتقييد الإفتاء الديني بالشكل الذي أرادته السلطة السعودية إنما هو حصر للإفتاء في مجموعة معينة تحددها الدولة ، ربما يصل عدد أفرادها لبضعة عشرات من الأفراد ، بما يلغي التنوع الذي هو أحد أهم خصائص الإسلام .
ثم ماذا ستكون فائدة هذا الكم من الكليات الدينية في كل الدول ذوات الأغلبيات الإسلامية ، و التي يتخرج منها الألاف كل عام ، لو تم إصدار قرارات مثيلة للقرار السعودي في كافة الدول الإسلامية ، أو حتى لو ظل محصور فقط في الإقطاعية السعودية ؟
ما مصير كل هؤلاء الذين قضوا قرابة ربع متوسط العمر في الإقطاعية السعودية في دراسة العلوم الإسلامية ، و بخاصة علوم الشريعة ، و من يدرسون حاليا ، و من سيدرسون في المستقبل ، بعد ذلك القرار ؟
أليس خريج كليات الشريعة مؤهل للإفتاء حسب مذهبه تبعا لوثيقة : رسالة عمان ، التي وقع عليها العاهل السعودي، فلماذا يحرم من حقه الطبيعي ؟؟؟
هل سيصبح هؤلاء الذين لم يقع عليهم الإختيار للعمل في مؤسسة الإفتاء الرسمية ، مجرد مقيمي شعائر في مساجد السلطة ؟؟؟
الإسلام ، و كما ذكرت عالية ، دين تنوع ، و لكل مسلم الحق في أن يختار من يفتيه ، بل إن لكل مسلم الكلمة الأخيرة في أي فتوى ، أيأخذ بها ، أم يرفضها ، تبعا لما يمليه عليه ضميره ، أو قلبه .
فهل ستكون الخطوة القادمة إغلاق القلوب ؟؟؟
ثانيا : أن ذلك القرار السعودي ليس هو المحاولة الأولى ، من جانب السلطات الحاكمة ، في تاريخ الإسلام ، لوضع الإسلام في القالب الكهنوتي البيزنطي ، الذي يقوم على مؤسسة رسمية واحدة ، و وحيدة ، تخضع لإرادة الحاكم .
محمد على الكبير في مصر قام بمثلها ، مع التصوف ، حين كان التصوف له السيادة في مصر ، عندما أخضع الطرق الصوفية لسيادة فرد واحد عينه ، و دعم تلك المؤسسة الرسمية بحق القدم - الذي سبق أن شرحته منذ عدة سنوات في أحد المقالات - و تلك المؤسسة البيزنطية التي أرادها محمد علي للتصوف ، لازالت باقية في صورة : المجلس الأعلى للطرق الصوفية .
إنه صراع قديم ، و مستمر ، و سيستمر ، بين الحرية الدينية ، و التنوع ، في الإسلام ، و بين المؤسسات الحاكمة الكارهة لتلك الحرية ، و ذاك التنوع .
ثالثا : إذا كان الهدف هو محاربة التزمت الديني ، فلأذكر السلطة السعودية البيزنطية بأن التزمت في حد ذاته لا خوف منه .
التزمت هو جزء من طبيعة بعض البشر ، سواء كإسلوب دائم في المعيشة ، أو مؤقت ، و هم قلة دائما ، و لأنه جزء من طبيعة بعض البشر ، فإننا نجده ليس فقط في الإسلام ، بل و في اليهودية ، و المسيحية ، و حتى في العقائد الآسيوية ، مثل الهندوسية ، و البوذية ، و في الديانات الوثنية المنقرضة كما في الديانة الفرعونية .
المتزمت المسلم المسالم له الحق في أن يعيش حياته بالطريقة التي تروقه ، مثلما يتمتع بذلك الحق على سبيل المثال : المتزمت المسيحي في الولايات المتحدة الأمريكية ، و المتزمت اليهودي في إسرائيل ، و الهندوسي في الهند .
المرفوض هو إستخدام المتزمت للعنف ، و القهر ، لترويج أفكاره ، و القهر يشمل ضمن ما يشمل إستخدام وسائل سلمية للإكراه مثل الوسائل الإقتصادية .
رابعا : هنا نأتي للنقطة الأهم ، و هي العنف ، و القهر بكل أشكاله ، و هي الوسائل التي يتبعها البعض لفرض أراء دينية ، و إجتماعية ، و سياسية … إلخ .
العنف دائما هو الحجة التي تستخدمها السلطات الحاكمة في البلاد العربية الإستبدادية لتبرير إستبدادها ، و لتوسيع سلطاتها على حساب الحريات الشخصية .
لا أعتقد أن التدبير السعودي الأخير هو وسيلة فعالة لمحاربة العنف ، لأن من يلجأ لإستعمال العنف سيبحث عن بغيته بطريق سري عند من يعرف إنه لديه الفتوى التي يبغيها .
محاربة العنف الديني لا تكون بتقييد الحريات الدينية ، و لا بمحاربة التنوع ، و لا بالقضاء على التعددية ، و لا بحرمان الأفراد من حقهم في البحث ، بل على النقيض من ذلك ، فالتنوع ، و النقاش الحر ، و رفع الكبت ، هي وسائل فعالة في التقليل من العنف الديني ، تزيد في فاعليتها عن الوسائل الأمنية البحتة ، و السياسات الإقتصادية .
خامسا : لقد كان الأجدر بالعاهل السعودي بدلا من وضع قيد أخر على الحريات الدينية في إقطاعيته ، و بدلا من السعي لتأسيس مؤسسة دينية إسلامية رسمية على النمط البيزنطي ، أن يبتعد عن النفاق ، فيحترم توقيعه الذي وضعه على رسالة عمان ، فيضمن الحريات الدينية لكل الطوائف ، و المذاهب ، الإسلامية ، المذكورة في تلك الوثيقة ، بما في ذلك الحق في الممارسة الدينية الحرة لمذاهبها ، و حرية الإفتاء ، و الدعوة ، و رفع كل أشكال التمييز المدني الممارس حاليا ضد أبناء بعض الطوائف ، و المذاهب ، المذكورة في رسالة عمان .

24-09-2010

تنبيه دائم : رجاء تجاهل أي تشويه أمني صبياني للمقالات ، و هو يشمل التلاعب في كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و/ أو الإضافة ، و هو أحيانا يقع بعد نشر المقالات ، لهذا أرجو القارئ الكريم أن يكون تركيزه على صلب المقالات .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

24-09-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق