مرسي ليس إلا دمية في يد المباركيين ، و الدمى لا تدعم التسويات التاريخية الكبرى
ثلاثة حقائق يجب أن نضعها في حسابنا عندما نريد اليوم ، صباح الأحد الثالث و العشرين من سبتمبر 2012 ، التحدث عن العلاقة بين الإدارة الأمريكية مع النظام الإخواني - المباركي الحاكم حالياً ، و هي :
أولاً : أن إقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة ، و الذي جرى هذا الشهر ، سبتمبر 2012 ، لا يمثل سوى زوبعة صغيرة ، و لن يكون له تأثير سلبي طويل الأثر على العلاقات المصرية - الأمريكية في عهد إدارة مرسي الإخوانية - المباركية ؛ و قد عهدنا من الإدارات الأمريكية إنها دائما تنظر للخطوط العريضة للعلاقات المصرية - الأمريكية ، و لطالما تحملت تلك الإدارات من إدارة مبارك الكثير من التهجم في وسائل الإعلام التابعة له مادام كان يعرف حدوده و يلتزم بها ، أو بقول آخر : إنها تحكم على الأنظمة الحاكمة بما تفعل تجاه المصالح الأمريكية لا بما يصدر عن تلك الأنظمة من أقوال أو أفعال صبيانية ؛ و إدارة مرسي الإخوانية - المباركية من الواضح إنها لن تتصرف بتهور ، يضر ، أو حتى يمس بالمصالح الأمريكية في مصر و العالم العربي .
ثانيا : أن الإدارة الأمريكية الحالية مسرورة بالنتيجة التي وصلت لها ثورة 2011 ؛ فقد أتت بأفضل توليفة بالنسبة لها ، فهي أتت بتحالف يضم الإخوان ، الذين تعتبرهم الإدارة الأمريكية أكبر القوى السياسية المصرية ، و المباركيين ، الذين فهموا بعد عدة أشهر أن عليهم إخلاء الصفوف الأولى ، و أن يعرفوا أن وقت التمسك بالأشخاص قد ولى ، و أن عليهم أن يقدموا رجالهم الذين كانوا في الصفوف الخلفية لتولي المناصب التي أصبحت من نصيبهم في القسمة الجديدة ، مثل منصب رئاسة مجلس الوزراء ، و وزارات الخارجية و الدفاع و الداخلية ، أو بقول آخر أكثر شمولا ، و أيضا أكثر دقة : الحكومة الحالية ، أو القنديلية ، هي حكومة مباركية ، و بالمناسبة فقد أصبحت مصر تعيش الآن عهد الأسرة القنديلية ، في الحكومة و المعارضة ، بعد أن ولى عهد الأسرة المباركية الأثيمة ، و لم تنجح محاولة عمر سليمان في تشكيل عهد مخابراتي من أبناء محافظته ، و هو العهد الذي حاول تدشينه بتعيين منصور العيسوي وزيراً للداخلية ، و لم يستطع طنطاوي تأسيس أسرته العسكرية الحاكمة التي كانت ستعتبر إمتداد لأسرة يوليو .
إنها توليفة رائعة في رأي الإدارة الأمريكية ، ففي الصدارة هناك رئيس للجمهورية من المعارضة ، و على الدفة الحقيقية أصدقائها المباركيين .
ثالثا : علينا أن نتعامل على أساس أن أوباما سيفوز في الإنتخابات القادمة ، و هذا الرأي ليس مبني على نتائج إستطلاعات الرأي و التي تشير حاليا إلى تقدم أوباما ، و لا نتيجة للهفوات ، و الزلات ، اللسانية التي يرتكبها رومني ، و لكن مبني على حسابات أخرى ، و ها أنا ذا أقول هذا قبل أي مناظرة تلفزيونية بين أوباما و رومني ، لأن تلك الحسابات لا تتأثر بالمناظرات ، و لا علاقة لها بكل ما سبق .
أوباما سيفوز ، و علينا التعامل على أساس ذلك .
إوباما رئيس لمرة ثانية ، إذا علينا أن نسأل : ما هو أهم ما يريده أوباما من إدارة مرسي الإخوانية - المباركية ؟
علينا أن نفهم أوباما ؛ أوباما يريد أن يأخذ مكانا مرموقا في التاريخ ، و له الحق في أن يريد هذا ، و يريد أيضا أن يبرر فوزه بجائزة نوبل للسلام ، و التي فاز بها لمجرد النوايا الحسنة التي أبداها فيما مضى ، و هذا شعور طيب ؛ و ليس هناك ما هو أفضل من الوصول لتسوية تاريخية فلسطينية - إسرائيلية لتحقيق طموحه الشخصي في أن يحتل مكانا مرموقاً في التاريخ العالمي ، و كذلك لتبرير فوزه بجائزة نوبل للسلام ، و التسوية التاريخية الفلسطينية - الإسرائيلية لا يمكن أن تتم بدون دعم مصري .
في الشهور الأولى لتولي أوباما الحكم ، و عندما كان حكام العرب الإستبداديين المنعوتين آنذاك بالمعتدلين ، يحاولون توجيه أوباما حسب إرادتهم ، أو تضليله بقول أكثر دقة و تماشي مع حقيقة أهدافهم ، بالصراخ مطالبين بحل نهائي عادل للقضية الفلسطينية ، كتبت مقال عنوانه : إنهم يضللونك يا أوباما ، القضية الفلسطينية ليست الآن ؛ و مقال آخر بعنوان : ما الذي يدفعهم للإخلاص لأوباما ، بعد أن طعنوا كلينتون في ظهره ؟
فكرة المقالان اللذان أشرت إليهما آنفا هي أنه لا يمكن الوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية في ظل وجود الأنظمة العربية الإستبدادية المنعوتة آنذاك بالمعتدلة ، لأن ذلك الحل يهدد وجودها ، و إنها بالتالي ستعرقل الوصول لأي حل ، و قد حدث هذا بالفعل في صيف عام 2000 ، في عهد كلينتون .
الآن ، و بعد ربيع العرب ، الذي لم تكن لأمريكا دخل في قيامه ، و بعد سقوط بعض الطغاة الذي سبق أن نعتهم الغرب بالمعتدلين ، ربما يداعب الأمل عقل أوباما في الوصول لحل للقضية الفلسطينية ، بعد أن يفوز بالفترة الرئاسية الثانية ، و بعد حل المشكلة السورية ، و أعتقد أن الأمل لديه قوي ، على أساس أن أفضل فرصة للوصول لتسويه هي أن تعقد التسوية مع القوى الحقيقية على أرض الواقع السياسي الشعبي .
فكرة عقد التسويات السياسية مع القوة السياسية الأقوى فكرة قديمة طبقتها بريطانيا من قبل في مصر ، فتصريح فبراير 1922 لم يكن ليكون له أي فاعلية بدون أن يعترف به سعد زغلول ، و لو بشكل غير مباشر ، حين خاض الإنتخابات البرلمانية التي تمخضت عنه ؛ كذلك نعرف أن إتفاقية 1936 كان سبق أن توصل لها محمد محمود رئيس حزب الأحرار الدستوريين ، و هو حزب من أحزاب الأقلية ، لهذا كان من الضروري أن يوقعها النحاس ، زعيم أقوى حزب سياسي أنذاك ، و كلنا نعرف ما دار في فبراير 1942 عندما فرضت بريطانيا النحاس كرئيس للوزراء حتى تضمن الهدوء في مصر أثناء حربها ضد النازي ، و إتفاقية الجلاء التي قبلها عبد الناصر لا تختلف عن ما توصلت له بريطانيا من قبل في مفاوضاتها مع النحاس الذي رفض قبولها ، و لكن قبلها عبد الناصر ، الذي أصبح القوة الأكبر بعد إنقلاب يوليو 1952 .
أيضا الحكومات الأمريكية لاحظتها مع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ، و كذلك في الإتفاقية التي وقعها عرفات مع رابين .
إتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية لم يكن من الممكن أن توجد بدون أن يكون للسادات شخصية قوية و مستند على قاعدة شعبية كبيرة توافرت له بعد حرب 1973 المجيدة ؛ و لم تكن لإتفاقية 1979 وجود بدون أن يكون في الجانب الإسرائيلي شخص يتمتع بشخصية قوية هو أيضا و له تاريخه و شعبيته لدى الشعب الإسرائيلي و راغب في السلام في ذلك الوقت ، و بالمثل لم يكن من الممكن التوصل لأول إتفاقية فلسطينية - إسرائيلية بدون أن يكون هناك زعيمين ، لهما شعبيتهما و مكانتهما في شعبيهما ، يمنحان توقيعهما لتلك الإتفاقية .
الإخوان في الحكم الآن ، و لكن هل هم القوة الأكبر سياسيا ، و هل مرسي بنفس قوة زغلول أو النحاس أو السادات ؟؟
إدارة أوباما ستناقض نفسها ، و تضللها ، إن أجابت بنعم على السؤالين ، لأن الإنتخابات البرلمانية التي جرت في عهد طنطاوي الدموي لم تكن إنتخابات حرة تماما ، فقد تم التحكم فيها من المنبع فخاضها فقط من سمحت له الأجهزة الأمنية السرية المباركية ، و على الرغم من ذلك لم يستطع الإخوان إكتساها ، و بالمثل فإن الإنتخابات الرئاسية خاضها مرشحون ستة كلهم حظوا بموافقة الأجهزة الأمنية السرية المباركية ، أي تم التلاعب فيها من المنبع ، و فاز فيها مرسي بالكاد .
لندع الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية الطنطاويتين ، و للننظر لمرسي ، كشخصية ، و لإدارته ، كأداة للحكم ، و للإخوان كقوة سياسية .
لو بدأنا بالإخوان ، فنقول : إنهم بمفردهم لا يستطيعون الحصول على الأغلبية ، إنهم ليسوا مثل حزب الوفد في العشرينيات و الثلاثينيات من القرن الماضي ، حين كان قادر على أن يكتسح أي إنتخابات برلمانية حرة يدخلها ، و لا يستندون على إنجاز تاريخي مدوي مثل السادات ، بل إنهم لليوم ، و للأبد ، موصومون بخيانة ثورة 2011 ، بل موصومون أيضا بوجود إختراق مخابراتي لهم ، و يمكن مراجعة مقالات كثيرة سابقة لشخصي البسيط في هذين الشأنين .
أما لو تحدثت عن إدارة مرسي ، فأقول أن الإدارة الأمريكية ستناقض نفسها لو صدقت أن إدارة مرسي راغبة في ، و قادرة على ، الوصول لتسوية تاريخية للقضية الفسلطينية ، لأنها - و أعني الإدارة الأمريكية - تتجاهل حقيقية كانت سبب سرورها من قبل ، و هي أن هناك تقاسم للسلطة بين الإخوان و المباركيين ، بل أن المباركيين الآن هم المهيمنين على دفة الأمور ، و هم آخر من يرغب في الوصول لتسوية للقضية الفلسطينية ، و هو أمر يسر أيضا الإخوان لأن التسوية ربما تسبب إنقسام جماعة الإخوان ، و آل سعود الذين أظهر لهم مرسي ولائه يعتبرون أي توصل لتسوية تاريخية للقضية الفلسطينية تهديد لوجودهم في الحكم ، و لا يجب نسيان تحالف آل سعود مع نتنياهو و ليبرمان من أجل وأد كل من ربيع العرب و السلام الفلسطيني - الإسرائيلي .
أعتقد أن الإدارة الأمريكية لاحظت خط سير الرحلات المرسية الخارجية ، و رأت فيه فعل من أفعال المباركيين و طريقة تفكيرهم ، فقد كانت أول رحلات مرسي الخارجية هي لآل سعود ، و ذلك من أجل تقديم فروض الولاء و الطاعة لكبير آل سعود ، و لتقبيل الآيادي ، و ربما الأقدام ، السعودية ، كما كان يفعل مبارك الأثيم ، على الرغم من الدور السعودي المقاوم لثورة 2011 ، تلك الثورة التي كان لها الفضل في وصول مرسي لسدة رئاسة الجمهورية ، ثم زيارته لكل من إيران و الصين على الرغم من دورهما المخزي في مناصرة النظام البعثي السوري الدموي ؛ ثم عدم خجل الحكومة القنديلية المباركية من الحديث عن إعادة العمل بقانون الطوارئ على الرغم إنه لم يمض على إلغاءه سوى بضعة أشهر ، و على الرغم من إنه كان أحد أسباب إنفجار ثورة ، أو هبة ، 2011 ، و عدم مسارعة مرسي لنفي هذا ، بل لم يحاول حتى أن ينأى بنفسه عن هذا القانون الشائن على إعتبار إنه محجور عليه ، و بلا حول أو قوة .
بقى أن أتحدث عن مرسي كشخصية ، و أعتقد إنه لا حاجة للإسهاب ، فأفعاله التي هي كلها رضوخ للمباركيين تدل على ضعف شخصيته ، فحتى عندما تم التخطيط لتسويقه على إنه زعيم قوي بأقاله بعض مراكز القوى المباركية ، فقد كان ذلك في إطار صفقة عقدت معهم ، ضمن فيها سلامتهم و حريتهم بفضل قانون سبق أن مرره مجلس الشعب الإخواني قبل حله ، و لم يكتف بذلك فقام بتكريمهم ، بعكس تصرف السادات مع مراكز القوى الناصرية .
تصرفات مرسي كلها تدل على ضعف شخصيته ، و الزعماء الشعبيين لا يمكن أن يكونوا من ضعاف الشخصية .
مرسي ليس إلا دمية في يد المباركيين ، و الدمى لا يمكن أن تدعم التسويات الكبرى .
أوباما الذكي يجب أن يعرف إنه غالبا من الصعب الحصول على كل شيء في نفس الوقت ، فالثورة التي تم إجهاضها بفضل السذاجة الثورية التي تمتع بها أغلبية المشاركين فيها ، لا تنجب سوى الدمى ، أما الثورات المكتملة فهي التي تنجب الزعماء ، و الزعماء هم القادرين على الوصول للتسويات التاريخية ؛ و الإدارة التي سمحت بأن يكون للمباركيين النفوذ الأكبر في إطار صفقة نجسة لا يمكن أن تكون هي نفس الإدارة التي تساند التسويات التاريخية الكبرى .
على الفسلطينيين أن ينتظروا ، و على أوباما ألا يأمل .
رسالة تعد جزء من المقال لأعضاء و مؤيدي حزب كل مصر - حكم : ستبدأ علمية تسجيل حزب كل مصر - حكم في الشهر القادم ، أكتوبر 2012 ، بإذن الله ، و على الأعضاء القدامي الذين شاركوا في ثورة 2011 عدم المشاركة في عملية التسجيل ، سنبدأ من الصفر ؛ الأذكياء سيفهمون ، و الحكماء سينفذون .
طريقنا ، و نضالنا ، سلميان دائماً .
أحمد محمد عبد المنعم
إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح
الحاء
الاسم النضالي المختصر :
أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين
الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية :
أحمد محمد عبد المنعم
إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق
الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام
1969
المنفى القسري : بوخارست -
رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب :
تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا
مصر
23-09-2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق