نرفض المحاكم الثورية كما نرفض المحاكم العسكرية ، و لا بديل عن القضاء المدني النزيه
بدأت كتابة هذا المقال قبل أن أعرف العدد النهائي للمشاركين في تظاهرة اليوم بميدان التحرير ، لأن أعداد المشاركين لا تؤثر في مواقف حزب كل مصر - حكم .
إننا عندما نصل لرأي نراه صائب ، أو يكون لنا مبدأ معين يتعلق بقضية معينة ، فإننا لا نغير رأينا ، و لا نستبدل مبادئنا ، بسبب أعداد المخالفين لنا .
لن نغير رأينا في هؤلاء الذين يقودون مظاهرات التحرير منذ سقط مبارك ، من الإبريليين و البرادعيين و الكفايتيين و الصباحيين و إتحادات و منظمات شباب خيانة الثورة من الليبراليين و اليساريين ، وغيرهم ؛ و هو الرأي الذي ذكرته مرات عدة من قبل ، كان آخرها في المقال السابق على هذا المقال مباشرة ، و أعني مقال : إما الزحف إلى طرة ، و إما إنتظار نتيجة الإنتخابات ؛ و هو المقال الذي كتبته في الثاني من يونيو 2012 .
رأينا فيهم إنهم صنائع السلطة و عملائها ، و إنهم هم الذين أضاعوا الثورة في مرحلة ما بعد الحادي عشر من فبراير من العام الماضي ، 2011 ، في ما أطلقت عليه : جُمع قتل الثورة ؛ و هم من غرروا بشباب و صبية في نوفمبر و ديسمبر من العام الماضي ليشاركوا في محاولة السلطة الحالية نشر الفوضى ليعرقلوا الإنتخابات البرلمانية ، و كانت نتيجة تغريرهم بهؤلاء الشباب و الصبية هو أن السلطة حصدت برصاصها نفوس أكثر من خمسين مواطن مصري أغلبهم شباب و صبية لاقوا حتفهم و هم يظنون بقيادات الإبريليين و غيرهم الوطنية و الصدق .
خونة ، و عملاء ، هؤلاء القيادات ، فما الذي يتوقع أن يخرج من تحت أيديهم ؟؟؟
لا شيء ينفع الشعب ، هذا كان رأينا ، و هذا ما حدث ، و هذا ما توقعته للتظاهرات التي بدأت في مساء الثاني من يونيو 2012 .
إنه رأي مبني على خبرة مرة ، كما ذكرت في مقال الثاني من يونيو 2012 .
في مقال الثاني من يونيو 2012 توقعت إنه لن يأتوا بشيء مفيد ، و قد تأكد ما توقعته ، ففي صباح اليوم التالي و على أحد القنوات الفضائية من خلال الإنترنت إستمعت لأحد هؤلاء القيادات ، يذكر أول مطالبهم ، و هو مطالبتهم السلطة بإقالة النائب العام .
مطلب ذكرني بمواقف الإبريليين الرافضة لكتاباتي في العام قبل الماضي ، 2010 ، عندما كنت أكتب عن ضرورة الثورة الشعبية السلمية ، بينما كانوا هم يقفون على أبواب النائب العام لتقديم طلبات بحق بعض موظفي الحكم المحلي ، و يعتبرون ذلك هو النضال و يسفهون رأيي .
كذلك ذكرني طلبهم - أعني هؤلاء القياديين الموجودين في التحرير - إقالة النائب العام ، بمطالبتهم من قبل في مارس من العام الماضي ، 2011 ، بإقالة حكومة شفيق ، فكان أن عاد شفيق ليكون مرشح للرئاسة ، و يصل للجولة الثانية في الإنتخابات الرئاسية ، لهذا فمن المحتمل أن تستجيب السلطة الحالية لطلب عملائها فتقيل النائب العام ، لتعينه بعد ذلك وزيراً للعدل في الحكومة القادمة .
الأغرب إنهم يقولون عن تظاهراتهم ، و منذ العام الماضي ، إنها لحماية ، و أحيانا لإستكمال ، الثورة ، ثم يتضح أن نضالهم عبارة عن تقديم طلبات لولاة الأمور .
إنهم يطالبون نفس السلطة التي إختارت هيئة المحكمة ، و إختارت النائب العام ، و بالتأكيد هي من كتبت الأحكام ، بأن تصلح نفسها .
إنهم يفكرون بعقلياتهم التي برمجتها الأجهزة الأمنية ، و التي تجعل النضال تقديم طلبات ، و إستبدال أشخاص ، كما إستبدلوا شفيق بشرف ، و شرف بالجنزوري ، و ربما قريباً - لا قدر الله - مبارك بشفيق .
لكن الأخطر من طلبهم إقالة النائب العام هو مطلبهم الجديد ، و هو إقامة محاكم ثورية .
لماذا محاكم إستثنائية ؟!!!
هل نحن في الإتحاد السوفيتي في أوائل عهده ، أو في كوبا الخمسينيات ، أم في ألمانيا النازية ؟؟؟
مطلب خطير ، و خبيث ، يدل على نية سيئة ، و دليل جديد دامغ يضاف لأدلة أخرى دامغة ، على عمالة تلك التيارات و التنظيمات للسلطة .
سأجيب على لماذا ؟
أولاً : لأن المحاكم الثورية تشوه الثورة ، و تقوض ما تبقى من جهاز العدالة .
ثانيا : لأنها تريد من المعارضة أن تتبنى تلك الفكرة لستخدمها بعد ذلك ضدها .
السلطة من قبل ، و تحديدا في صيف العام الماضي ، و إلى أولى جلسات محاكمة مبارك ، روجت من خلال عملائها في الصحف المدعوة بالقومية لمطلب محاكمة مبارك عسكرياً ؛ و بعد أن فشلت في أن تجعل الشعب يتبنى فكرة محاكمة مبارك عسكرياً ، فإنها تريد الآن ما هو أسوء : محاكم ثورية .
إنه إصرار السلطة على إنزال فكرة المحاكم الإستثنائية لأرض الواقع ، لتجهز بعد ذلك على معارضيها .
إنها تريد من المعارضة أن تتبنى فكرة المحاكم الإستثنائية ، العسكرية في البداية ، و الآن الثورية ، لتستخدمها بعد ذلك كأداة لقمع أي صوت معارض لها بالرصاص .
إنها تريد أن يأتي مطلب المحاكم الإستثنائية منا أولاً ، لتسخدمها بعد ذلك ضدنا ، و عندما نحتج تقول لنا : لقد كان هذا مطلبكم ، و ما طالبتم أن يطبق على غيركم ، يجب أن تقبلوا أن يطبق عليكم .
إننا في حزب كل مصر - حكم كنا ، و لازلنا ، واضحين و صرحاء في رفضنا للمحاكم الإستثنائية ، أكانت عسكرية ، أو ثورية ، أو بأي مسمى ، أو شكل ، يصدر عن السلطة .
ما نريده هو القضاء المدني العادل النزيه العلني و القوانين المدنية العادلة .
لم يستثن حزب كل مصر - حكم أحد من مظلة العدالة المدنية النزيهة و القوانين المدنية العادلة ، حتى عندما قبضت السلطة على مواطن إسرائيلي - أمريكي و إتهمته بإنه يحاول الوقيعة بين الشعب و الجيش ، و ظنت إنها ستخيفنا من الحديث بسبب الجنيسة المزدوجة لذلك الشخص و التهمة الخطيرة الموجهة إليه ، فإننا لم نرتعب ، و لم نحد عن مبادئنا ، و طالبنا له بمحاكمة مدنية عادلة نزيهة علنية تصدر حكمها بناء على قانون مدني عادل ؛ و في هذا الشأن أرجو مراجعة مقال : في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه ؛ و كتبته و نشرته في الخامس عشر من يونيو 2011 ؛ و كذلك مقال : هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و مجلسهما ؟ ؛ و كتبته و نشرته في الثالث من سبتمبر 2011 ، و أخيراً مقال : أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة ؛ و كتبته و نشرته في السابع و العشرين من أكتوبر 2011 .
كذلك فإنني عندما كتبت في السادس عشر من مايو 2011 مقال : لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟ ، فإن محتوى المقال يدل بوضوح على إستنكاري المعاملة المختلة التي كان يطبقها نظام طنطاوي - سليمان ، حين كان يريد تقديم مبارك لمحكمة مدنية ، بينما يحاكم النشطاء بمحاكم عسكرية ؛ و أن هدفي كان ، مثلما لازال ، هو أن تكون المحاكم المدنية هي الوحيدة التي يقف أمامها كل المواطنين المصريين ما عدا العسكريين الموجودين في الخدمة العسكرية .
حتى مبارك - أكرر - لم نستثنه من الحق في المثول أمام قضاء مدني عادل نزيه في محاكمة علنية ، و قد ذكرت ذلك مراراً و بكل صراحة و وضوح .
حزب كل مصر - حكم يريد إصلاح مصر ، و إصلاح مصر لا يكون بهدم ما تبقى من جهاز العدالة المدنية ، التي أفسدها نظام مبارك ، بل بالعمل على إصلاح النظام القضائي المدني بتطهيره ، و مراجعة القوانين المدنية ، و حظر العمل بالقوانين الإستثنائية ، و القضاء تماما على فكرة المحاكم الإستثنائية التي يريد نظام طنطاوي - سليمان أن تتبناها المعارضة ليستخدمها بعد ذلك ضدها .
حزب كل مصر - حكم يحذر أعضائه و مؤيديه و كافة المواطنين المصريين من عملاء السلطة المتسربلين بسرابيل المعارضة ، و من سمومهم التي ينفثونها تحت غطاء الثورة و حمايتها .
الآن هناك إنتخابات رئاسية ستحسم قريبا ، إن شاء الله ، و علينا إنتظار نتيجتها ، و خلال فترة الإنتظار علينا أن نعمل ما في وسعنا لإسقاط مرشح نظام طنطاوي - سليمان .
تنبيه : لم تتغير السلطة ، و قد عادت لأساليبها القديمة ، لهذا أجد نفسي مضطر للعودة لنشر التنبيه القديم الذي كنت أستخدمه قبل قيام ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و هو إنني غير مسئول عن أي تلاعب أو تشويه تقوم به الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الحاكم ، و أرجو من القارئ الكريم في حالة وجود تلاعب أو تشويه أن يركز دائما على الأفكار الأساسية بأي مقال ، فهذا هو الأهم .
ملحوظة : بدأت هذا المقال في تمام الساعة الرابعة و خمس و أربعين دقيقة مساء ، و إنتهيت منه في تمام الخامسة و أربع و أربعين دقيقة مساء ، بالتوقيت الصيفي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا و الذي يتقدم بثلاث ساعات على توقيت جرينتش ، و ذلك في يوم الثلاثاء الخامس من يونيو 2012 .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
05-06-2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق