الاثنين، 25 فبراير 2013

السلفي المودرن وجه من إبداع الأمن ، و كيفية التعامل مع السلفيين الأمنيين

السلفي المودرن وجه من إبداع الأمن ، و كيفية التعامل مع السلفيين الأمنيين
المواقف الحرجة التي تمر بها الأنظمة الحاكمة تعطي أفضل الفرص لرؤية أفضل ما لدى تلك الأنظمة من إستعدادات لمواجهة تلك المواقف الطارئة ، و بالتالي تقدم لنا الفرصة لرؤية أفضل ما لدى تلك الأنظمة من إبداع عقلي ، ذلك أن معظم الأنظمة الحاكمة تعد مسبقا ، و بدون ضغط الوقت ، مخططات للتعامل مع معظم ، إن لم يكن لكل ، المواقف الحرجة التي يحتمل أن تتعرض لها .
ثورة 2011 المصرية كانت فترة حرجة لنظام مبارك ، و يكفي إنها تسببت في سقوط مبارك ؛ لكنها كانت قصيرة ، و غير مكتملة ، بسبب السذاجة الثورية التي إتصف بها أغلب المشاركين فيها ، و بالتالي لم تعط الفرصة الكافية للأجهزة الأمنية المباركية لتظهر أفضل ما لديها من إبداعات فكرية لمواجهة الثورة ، فلم يظهر من إبداعاتها ، و التي تدل على ضحالة فكرها ، سوى إستخدام الأساليب الدموية ، مثل القناصة الذين حصدوا أرواح المئات من المشاركين في الثورة ، و مثل الإستعانة بالحمارة و البغالة و الخيالة و الجمالة من منطقة الأهرامات ، و كذلك تنفيذ ما كنا نتوقعه ، و أعني إطلاق المجرمين من السجون ، و تنشيط قطاع البلطجة في وزارة الداخلية ، لإحداث حالة فوضى إجرامية تجعل الشعب يلعن الثورة و يتمنى عودة الأمن و الإستقرار تحت حذاء السلطة كما كان الحال طوال حقبة أسرة يوليو اللعينة .
لكن إذا كان عمر الثورة قصير لإنه تم إجهاضها على يد معظم المشاركين بها ، فإن فترة حكم طنطاوي الدموي وفرت الوقت الكافي للأجهزة الأمنية لتظهر معظم إبداعاتها الخبيثة النجسة ، فرأينا محاولات إشعال الفتنة الطائفية ، مرة إسلامية - إسلامية ، و مرات إسلامية - مسيحية ، و هي المحاولات التي بلغت قمتها عندما حرضت الإذاعة المرئية الرسمية الشعب المصري على الفتنة الطائفية و الحرب الأهلية في مساء التاسع من أكتوبر من العام الماضي ، 2011 ؛ كذلك رأينا إستمرار محاولات دفع الشعب المصري ليلعن الثورة ، بنشر الجريمة ، و غيرها من الإبداعات الأمنية ، التي و إن كانت في معظمها دموية ، إلا إنها غبية ؛ غبية لأن من يحاول إستغفال شعب هو المغفل .
اليوم ، في الساعات الأولى ليوم الجمعة الثاني عشر من أكتوبر 2012 ، أريد أن أتحدث عن إبداع فكري أمني آخر يتعدى في إنتشاره الحدود المصرية ، فهو يكاد أن يكون إبداع مشترك بين الأجهزة الأمنية العربية الإستبدادية ، و يدل على إنه تم إعداده سلفا ، قبل ربيع العرب ، و تم الإتفاق بين الأجهزة الأمنية العربية الإستبدادية ، و بخاصة في الأنظمة العربية التي كانت تدعى بالأنظمة المعتدلة ، على تبنيه عند الضرورة .
كلنا يعرف من هو السلفي ، إن لم يكن من خلال معرفة فكرية ، بالإطلاع على الفكر السلفي ، فعلى الأقل من المظهر ؛ ذلك لأن المذهب السلفي - و الذي أكن له الإحترام كمسلم مثلما أكنه لكافة المذاهب الإسلامية ، و لكافة الأديان و المعتقدات الأخرى - مذهب يهتم بالمظهر الخارجي ، بما يجعل الأتباع الحقيقيين للمذهب السلفي مميزين بمظهر يخصهم ، و يميزهم عن معظم المسلمين من أتباع المذاهب الأخرى .
السلفية ، تعني بإختصار : التأسي بما كان عليه السلف الصالح ، بدأ بخاتم النبيين و المرسلين ، محمد ، صلى الله عليه و سلم ، و مروراً بالصحابة الكرام ، ثم التابعين بإحسان .
لكن في عهد طنطاوي وجدنا وجه آخر للسلفي ، رأينا مرشح سلفي ، ليس له من المظهر السلفي سوى شارب محفوف ، و لحية ، بالمناسبة مشذبة ، و لكنه يرتدي الملابس الحديثة ، أو ما يطلق عليها بعض السلفيين الحقيقيين ، الملابس الأفرنجية ، و هو لم يكتف بهذا ، فهو لم ينس إرتداء رابطة العنق .
لقد رأيت رأي العين الكثير من الدعاة ، من مذاهب إسلامية مختلفة ؛ و صراحة فإن مظهر المرشح السلفي الذي تم إستبعاده ، يجعله أقرب للداعية الإخواني ، أو الداعية الصوفي ، من أن يكون داعية سلفي .
الأمر لا يقف عنده - و إلا كان الحديث عن حالة فردية لا تمثل ظاهرة - فقد لاحظت ، من خلال شاشات القنوات الفضائية ، أثناء التظاهرات التي شبت بالعباسية ، بعد إستبعاده من ترشيح نفسه للرئاسة ، أن كل المتظاهرين لا يمتون في مظهرهم للمذهب السلفي ، عدا متظاهر واحد كان ملتحي ، و لكنه كان يرتدي الملابس الحديثة ؛ و هذا يشابه ما حدث في الشهر الماضي ، سبتمبر 2012 عندما تم إقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة على يد مجموعات لم يكن معظمها يمت في مظهره للمذهب السلفي ، رغم إنهم كانوا يلوحون بإعلام تنظيم القاعدة ؛ لقد نسوا إطلاق لحاهم ، و نسوا أن يرتدوا الزي السلفي ، لكنهم لم ينسوا أن يأتوا معهم بأعلام تنظيم القاعدة .
الأهم من مظهر ذلك الداعية السلفي ، و مظهر من غضبوا لإستبعاده من خوض الإنتخابات الرئاسية ، إن كانوا غضبوا حقا ، و مظهر من إقتحموا السفارة الأمريكية في مصر ، هو موقف الأحزاب السلفية في الإنتخابات الرئاسية التي جرت هذا العام ، 2012 ، فبينما أعلن حزب كل مصر - حكم صراحة في الأول من مارس الماضي دعمه لمرسي إذا لم يستطع الحزب خوض الإنتخابات الرئاسية ، ثم أعلن في التاسع من مارس من نفس الشهر ، و بعد أن تأكد الحزب من إنه لن يستطع خوض الإنتخابات الرئاسية ، إنه سوف يدعم مرسي ، فكان أول حزب من خارج الإخوان ، يعلن ذلك ، كانت الأحزاب السلفية تعلن في الجولة الأولى دعمها لأبو الفتوح ، الذي كان يتودد للتيارات المدنية ، الليبرالية على وجه الخصوص .
موقف غريب من تيار سلفي ، لأن المنطق السليم يقول إنه كان على الأحزاب السلفية أن تدعم مرسي ، الأقرب لهم عقائديا و فكرا سياسيا من أبو الفتوح .
إذا نحن أمامنا نموذج سلفي ، يرتدي فيه دعاته الملابس الحديثة ، بما في ذلك رابطة العنق ، و أتباعه لا يطلقون لحاهم أبداً ، و إن حف معظمهم شواربهم و بعضهم أطلقها ، و أحزابه تفضل و تدعم المرشح الرئاسي الذي يتودد للمدنيين ، من ليبراليين و يساريين .
إنه السلفي المودرن ، أو التيار السلفي المودرن .
رأينا السلفي المودرن في ليبيا أيضا ، و ذلك في إقتحام القنصلية الأمريكية ببنغازي في الشهر الماضي ، و الذي تزامن مع إقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة ؛ رأيناه في ليبيا أيضا حليق اللحية و الشارب ، و إرتدى واحد منهم فانلة داخلية على جذعه ، أو تي شيرت أبيض بدون أكمام كما يفعل لاعبي الرجبي ، و يرفع يد بعلامة النصر ، المأخوذة من أول حرف لكلمة نصر بالإنجليزية ؛ إنه مودرن لا يجد غضاضة في تبني ما يروق له من ثقافات الغير .
فهل السلفي المودرن هو وجه جديد ؟
لا ، إنه مجرد وجه من أوجه ما سبق أن أطلقت عليه : السلفي الحكومي ، و ذلك في مقال سابق عنوانه : السلفي الحر ، و السلفي الحكومي ؛ و هو المقال الذي كتبته و نشرته في الخامس و العشرين من مايو من العام الماضي .
إنه وجه من الأوجه العديدة لما أطلقت عليه من قبل السلفي الحكومي ، الذي هو من إبداع الأجهزة الأمنية ، و هو إبداع يبدو إنه لا يقف إنتشاره عند حدود مصر ، بل نراه في دول ربيع العرب في شمال أفريقيا ، و كأنه سبق أن إتفقت عليه الأجهزة الأمنية في الدول العربية التي كانت تنعت قبل ربيع العرب بالدول المعتدلة .
إلا إننى أرى حاليا أنه من الأفضل أن أغير اسمه من السلفي الحكومي إلى السلفي الأمني ، و ذلك مراعاة للتطورات السياسية التي حدثت في بعض دول ربيع العرب ، و إن كان هذا لا يشمل مصر ، فالحكومة القنديلية هي حكومة مباركية ، و ذلك في إطار تقاسم السلطة بين الإخوان و المباركيين .
فكيف نتعامل مع السلفي الأمني ؟
المواجهة لا تكون بالتصادم مع التيار السلفي ، فهذا ما تريده الأجهزة الأمنية المباركية و في بقية دول ربيع العرب في شمال أفريقيا ، و هذا ما لا نريده ، و لا يريده السلفيون الحقيقيون أيضا ، الذين تمتعوا بالبصيرة ، عندما حاولت الأجهزة الأمنية في عهد طنطاوي الدموي الوقيعة بين الصوفية و السلفية بإحراق بعض الأضرحة الصوفية ، فأصدروا ، و أعني السلفيين الحقيقيين ، بيان مطبوع أشاروا فيه إلى إنهم لا صلة لهم بما حدث ، و أن ما حدث هو محاولة للوقيعة .
المواجهة تكون بتطهير مصر و ليبيا و تونس ، بالوسائل القانونية ، و بأيدي من حديد أيضا ، من بقايا الأجهزة الأمنية ، التي تحرك و تدعم السلفيين الأمنيين و تخطط لهم تحركاتهم ، فلو نجح التطهير سيسقط السلفيون الأمنيون من تلقاء أنفسهم ، كما تهمد حركة دمى مسرح العرائس عندما تنتهي ساعات العمل بالمسرح ؛ و نكون بذلك تجنبنا شق صف الشعب في دول ربيع العرب .
التطهير لا يتوقع أن يتم في عهد مرسي ، فهو ليس إلا دمية في يد المباركيين ، كما ذكرت في مقال سابق الشهر الماضي ، و حكمه قائم على صفقة خبيثة أبرمت أثناء الثورة .
رسالة ، تعد جزء من المقال ، لأعضاء حزب كل مصر - حكم ، و لمؤيديه : سنبدأ ، بإذن الله ، أولى خطوات تسجيل حزب كل مصر - حكم ، هذا الشهر : أكتوبر 2012 ، من أجل إستعادة مصر ، و يحظر على الأعضاء القدامى و الذين إنضموا للحزب قبل ثورة 2011 أو أثناءها ، الإشتراك في عملية تسجيل الحزب أو المشاركة في أي نشاط له قبل تسجيله أو بعده ، و يسري هذا أيضا على كل مؤيدي الحزب و الذين شاركوا في ثورة 2011 ؛ العقلاء سيتفهمون و الحكماء سينفذون ؛ طريقنا سلمي دائماً .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
الثاني عشر من أكتوبر 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق