الثلاثاء، 26 فبراير 2013

ثورتان غالبا للإنتقال من حقبة لأخرى

ثورتان غالبا للإنتقال من حقبة لأخرى
 
ما يخفف الإحساس بالألم الناتج عن فشل ثورة 2011 في تحقق الأهداف التي وضعت لها ، و منها إقامة دولة ديمقراطية عادلة ، هو قراءة التاريخ للتعلم منه .
من التاريخ نعرف إننا - كشعب - لسنا وحدنا بين شعوب العالم التي لم تستطع الإنتقال من حقبة سياسية إلى أخرى ، في ضربة واحدة ، أو ثورة واحدة .
في هذا الشأن الأمثلة متوافرة ، و متعددة ، و سأكتفي اليوم ، ظهيرة الثلاثاء الثالث عشر من نوفمبر 2012 ، ببعضها .
في فرنسا إقتحمت جماهير الشعب الفرنسي الباستيل ، رمز القهر ، و أعدم الشعب الفرنسي الملك لويس السادس عشر ، رأس النظام الذي ثار عليه الشعب ، و ذلك في أواخر القرن الثامن عشر ، و لكن لم تسقط تلك الأسرة الملكية تماما ، إلا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ، و لم تعد بعدها للحكم ، بل و لم يعد الحكم الوراثي ثانية لفرنسا ، و فشلت محاولة نابليون الثالث العودة بالشعب الفرنسي لذلك النظام الرجعي .
في بريطانيا عندما نشب صراع بين البرلمان و الملك تشارلز الأول على السلطة ، إنتهى الصراع بإعدام ذلك الملك في يناير 1649 ، و لكن إعدامه لم يكن نهاية المطاف في الصراع بين البرلمان ، كهيئة ممثلة للشعب ، و بين الملكية ، على السلطة الحقيقية ، و لم يكتب النجاح النهائي للشعب إلا في عام 1688 ، في ثورة برلمانية بيضاء أطاحت بالملك جيمس الثاني ، و ألقت به إلى المنفى .
في روسيا حاول الشعب سلميا في 1905 تغيير الأوضاع المزرية التي كان يعيش فيها معظمه ، من خلال ثورة سلمية ، و لكنه لم يلق إلا الرصاص ، و الهروات ، فكانت ثورة 1917 ، و هي الثورة التي تصور خطأ على إنها ثورة بلشفية ، بتجاهل حقيقة أن البلشفيين لم يكونوا سوى فصيل واحد ، صغير ، من فصائل عدة ، و إنهم - أي البلشفيين - قاموا بعد نجاح الثورة في الإستيلاء عليها ، كما حدث في إيران ، التي تصور ثورتها على إنها ثورة فصيل واحد ، هو فصيل الخميني ، بتناسي إنها كانت ثورة شعب بأكمله ، و فصائل سياسية متعددة ، و يشهد على ذلك التركيبة السياسية التي حكمت إيران في الشهور الأولى التي تلت سقوط الشاه .
الخلاصة هي : أننا كشعب لسنا وحدنا في الفشل في تحطيم حقبة ، و تأسيس أخرى ، بثورة واحدة ؛ فقد قامت شعوب أخرى ، بثورات أكبر من ثورتنا ، للإنتقال من حقبه لأخرى ، كما حدث في كل من بريطانيا ، و فرنسا ، و روسيا ، و لكن لم يفلح أي شعب من الشعوب الثلاثة المذكورة في الإنتهاء من الحقبة القديمة الممقوته لديه بثورة واحدة .
لقد كانت هناك غالبا ثورتان لكل شعب ، يمكن تصنيفهما إلى : ثورة كبيرة ، و أخرى صغيرة .
بالتأكيد لاحظ القارئ الكريم أن الفترات الزمنية الفاصلة بين كل ثورة و أخرى ، في كل بلد من البلدان الثلاثة ، كانت طويلة ، و لكن يجب أن يلاحظ أن في الفترة الفاصلة بين إعدام تشارلز الأول ، و إسقاط جيمس الثاني ، مر الشعب البريطاني بتجربة كرومويل ، الإستبدادية ، و شبه الجمهورية ، و في فرنسا مر الشعب الفرنسي في الفترة الفاصلة بين إعدام لويس السادس عشر ، و السقوط النهائي للأسرة المالكة الفرنسية بتجارب متعددة ، منها فترة القنصلية ، و عهد نابليون ، فترة كقنصل و فترة كإمبراطور ؛ أي مر الشعبين ، البريطاني و الفرنسي ، في الفترتين الفاصلتين بين ثورتي كلا منهما ، بتجارب سياسية ، و بحراك إجتماعي - إقتصادي و ثقافي أيضا ، لهذا تأخرت الثورتان الثانيتان فيهما ؛ أما في روسيا التي لم تمر بأي حراك سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي أو ثقافي في الفترة بين ثورة 1905 و ثورة 1917 ، بسبب الفشل الكبير الذي منيت به ثورة 1905 ، كانت الفترة الفاصلة بين الثورتين قصيرة نسبيا .
لو طبقنا هذا على مصر ، أستطيع القول بأنه بالمنطق فإن الفترة الفاصلة بين ثورة 2011 ، و ثورة عام ..... ، لن تكون طويلة ، و ذلك لأن الفشل الذي منيت به ثورة 2011 من ناحية الإنجاز كبير ، و لأن معالم الفترة الفاصلة إتضحت ، حيث لا يوجد أي حراك حقيقي ، أكان سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي ، بالإضافة لمزيد من الإنغلاق الثقافي .
نفس اللاعبين السياسيين الذين كانوا في عهد مبارك ، أو موالين لذلك العهد ، هم المفروضين على الشعب ، سواء كهيئات أو كأفراد ، و له فقط أن يختار من بينهم .
الإقتصاد في حالة متدهورة ، و يسيطر عليه رجال مبارك .
الحراك الإجتماعي متوقف ، و الوضع الثقافي يتدهور .
الدولة البوليسية - المخابراتية المباركية لازالت قائمة تحكم مصر في الحقيقة .
فإذا أضفنا لكل ذلك الثقة التي إكتسبها الشعب المصري في نفسه بعد ثورة 2011 ، و حقيقة أن الوعي الذي يتمتع به حاليا لا يقارن مستواه بوعي الشعب الروسي منذ مائة عام تقريبا أو الشعب الفرنسي في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر ، و تعلم الشعب المصري من خبرات الشعوب الأخرى ، وبخاصة من تجربة الشعب الإيراني ، مع وسائل الإتصال المتطورة المتوافرة حاليا ، و خبرة الشعب المتزايدة بأساليب الأجهزة الأمنية في التعامل مع الثورة ، فإنه يصح لنا التفاؤل ، و الأمل في ثورة ثانية ، تأتي بعد فترة ليست بالطويلة من الثورة الأولى ، ثورة 2011 ، تحقق ما أملت الأولى في تحقيقه و فشلت في إنجازه .
و بالتأكيد فإن إنتقالنا من حقبة لأخرى ، سواء بثورة ثانية ، أو بالتقدم السياسي خطوة خطوة ، لن يعني نهاية المطاف بالنسبة للشعب المصري ، فالشعوب تتطور دائما ، و شعوب الدول الثلاثة المذكورة سابقا هي أمثلة أخرى لذلك ، ففرنسا و بريطانيا تتفوقان حاليا ، سياسيا و إجتماعيا و إقتصاديا و ثقافيا على فرنسا في القرن التاسع عشر ، و بريطانيا في القرن السابع عشر ؛ و الشعب الروسي الآن أصبح آخذ في الإنتفاض على الديمقراطية البوتينية الزائفة التي لم يعد يراها كافية ، و التي ربما كانت تكفيه منذ عقد أو يزيد .
لازال لدى كل من المباركيين و الإخوان ، حلفاء الأمس و اليوم ، الفرصة ، لتدارك الأمر ، و هذا التدارك يحتاج أولا أن يدرك الإخوان و المباركيين و غيرهم أن تطور الشعوب للأفضل هو سنة الحياة ، و أن سنن الحياة لا يمكن منعها .
ملحوظة : ورد في مقال : الثورات الشعبية هي نتيجة لمقاومة رغبة الشعوب في تطوير نفسها للأفضل ؛ و الذي كتبته و نشرته في العاشر من هذا الشهر ، نوفمبر 2012 ، العبارة التالية :
أمثلة متوقعه من أبناء شعب عريق في الحضارة .
و الصواب : أمثلة متوقعة من أبناء شعب عريق في الحضارة .
يلاحظ إنه منذ بضعة أشهر يركز الجهاز المختص بتشويه مقالاتي على إبدال حرف التاء المربوطة بهاء .

 

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
13-11-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق