السبت، 23 فبراير 2013

الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية الديمقراطية الحقيقية هي التي تأتي بالدساتير الديمقراطية و تحترمها

الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية الديمقراطية الحقيقية هي التي تأتي بالدساتير الديمقراطية و تحترمها
 
لماذا لم نشارك في الضجة التي أثيرت منذ فترة قريبة حول كتابة الدستور ؟؟؟
هل الإجابة على ذلك السؤال تدخل في إطار الإعلان عن الإلتزام بسياسة الهدوء و التي سبق و أن أعلناها ؟
بالتأكيد حزب كل مصر - حكم ملتزم بسياسة الهدوء و التي تم الإعلان عنها رسميا في الثالث عشر من نوفمبر من العام الماضي ، 2011 ، و التي كانت نتيجة إدراكنا بأن المرحلة النضالية و التي بدأت في الخامس و العشرين من يناير 2011 قد إنتهت مع أولى المذابح الرسمية التي إرتكبتها السلطة بشكل مباشر ضد أبناء الشعب المصري ، و هي المذبحة التي تلتها مذابح أخرى بعضها أكثر دموية ؛ و لكن عدم مشاركتنا في الضجة التي أثيرت حول الدستور لا يدخل في إطار ذلك الإعلان لأن كان بإمكاننا المشاركة في النقاش - أو الضجة المفتعلة بقول أدق - بشكل هادئ و عقلاني ؛ لكن حزب كل مصر - حكم رفض المشاركة حتى بهذا الشكل ، و السبب يمكن تقسيمه لسببين :
السبب الأول هو أننا أدركنا إنها ضجة مفتعلة إفتعلتها السلطة ، التي بعد أن تحالفت مع الإخوان في الشهور الأولى التي تلت سقوط مبارك ، و الآن تريد أن تتحالف مع التيارات السياسية غير الإخوانية ، و تريد أن تضم حزب كل مصر - حكم لذلك التحالف الخبيث و المؤقت ، و هو التحالف - و أعني تحالف السلطة مع التيارات غير الإخوانية - الذي يضم كيانات هي جزء من السلطة لأنها من صناعتها مثل حركة السادس من إبريل و حركة كفاية و البرادعيين و حركات ثورية مدعوة ليبرالية و يسارية ، و نحن نرفض أن يكون حزب كل مصر - حكم مخلب للسلطة ، و خائن لإرادة و تطلعات الشعب المصري .
السبب الثاني - و هو الأهم - إننا نريد إستكمال ما لم تكمله مرحلة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، بل و حتى لم تشرع فيه ، فقد إكتفت تلك المرحلة بإسقاط مبارك ، و إعتبرت المهمة إكتملت بسقوط مبارك ، على حد قول أحد نجوم الثورة الشباب في رسالته التويترية الشهيرة ، و التي تختلف عن الرسالة التويترية التي وجهتها لأعضاء حزب كل مصر - حكم و مؤيديه بعيد سقوط مبارك ، و التي سبق أن نشرت مضمونها فيما مضى .
أن أهم ما تنجزه أي ثورة ناجحة هو تغيير البيئة السياسية للأفضل ، فتغيير شخصيات الحكام ، بل و حتى تغيير الأنظمة ، لا يعد بالشيء الكبير لو لم تتغير البيئة السياسية لتصبح ديمقراطية حقا ، أو حتى بشكل أكثر تواضعا : أكثر ديمقراطية عما كانت قبل شبوب الثورة .
سقط مبارك ، و جاء نظام طنطاوي - سليمان ، أو في الحقيقة نظام عمر سليمان ، رئيس مصر الحالي بالرغم من تمثيلية ترشحه و رفضه ، فهو يظل رئيس مصر الحقيقي للآن .
حتى لو سقط اليوم ، أو في المستقبل ، نظام سليمان ، و سقط معه المجلس العسكري الحاكم بتشكيلته الحالية ، و لم تتغير البيئة السياسية للأفضل ، فسيكون ذلك مجرد إستبدال طاغية ، بآخر .
لم يهمنا كيف سيكتب الدستور ، لأننا أولا نحترم إرادة الشعب ، و مجلس الشعب الحالي إنتخبه الشعب ، و لإننا سنحترم أي دستور وافق عليه الشعب المصري في إستفتاء نزيه ، و ثانيا إننا ننظر للدستور نظرة واقعية ، فنعرف أهميته ، و لكن لا نعطيه أكثر من حجمه .
الدستور مجرد نصوص ، و إذا لم تُحترم تلك النصوص فلا قيمة له .
لم يجز دستور السادات ، و الذي حكم به مبارك ، التعذيب ، و لكن التعذيب كان حقيقة شبه يومية في مصر في عهد مبارك .
في دستور السادات كانت هناك العديد من الضمانات الجيدة التي تحترم حقوق الإنسان ، و لكن السلطة في عهد الطاغية محمد حسني السيد مبارك لم تكن تلق بالاً لتلك النصوص عندما تتعارض مع إرادتها الإستبدادية .
لم يجز دستور السادات نهب ثروات مصر ، و إفقار الشعب ، و تزوير الإنتخابات ، و لكن الكل يعلم حقيقة ما حدث خلال قرابة ثلاثة عقود من حكم مبارك .
أجاز دستور السادات التعددية الحزبية ، و لكنه وضع هيئة تتحكم في تأسيس الأحزاب ، و تحكمت السلطة في تلك الهيئة فكان تشكيل حزب ليس على هوى السلطة شبه ضرب من ضروب المستحيلات .
باع مبارك و سليمان و طنطاوي و شفيق ، و غيرهم كثيرين من أعضاء نظام مبارك ، النيل ، فهل عوقب على تلك الخيانة أحد لليوم ؟؟؟؟؟
و خلال الفترة التي أطلق عليها إسم : الفترة الإنتقالية ، و التي تخضع للإعلان الدستوري ، كم مواطن أعزل قتلته السلطة بشكل مباشر ، أو عن طريق بلطجيتها ؟؟؟
الخلاصة إذا هي أن البيئة السياسية الديمقراطية السليمة تأتي ، من حيث ترتيب الأهمية ، في المرتبة الأولى ، قبل الدستور .
و لكن تلك البيئة تصنع بطريقين أساسيين ، أحدهما قد تجوزناه مع النهاية المبتورة لمرحلة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و الآخر هو من خلال إستكمال بناء المؤسسات السياسية للدولة و متابعة عملها بعد ذلك .
ما يريده الآن حزب كل مصر - حكم ، بالوضع في الحسبان الوضع السياسي الحالي و نهاية مرحلة الخامس و العشرين من يناير 2011 بشكل مبتور ، هو إستكمال بناء مؤسسات الدولة بشكل طبيعي نزيه ، لهذا أصر الحزب على إجراء الإنتخابات التشريعية في موعدها ، و أرجو مراجعة مقال : لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات ؛ و الذي كتبته و نشرته في الثالث و العشرين من نوفمبر 2011 ؛ و الآن يصر حزب كل مصر - حكم على إجراء إنتخابات رئاسية نزيهة ، لتستكمل مصر بناء مؤسساتها السياسية ، ثم بعد إستكمالها سنترك فترة لتلك المؤسسات لتعمل ، ثم سنحاسبها .
الطريق المتاح لنا حاليا هو أن ندعم مبدأ إستكمال بناء المؤسسات السياسية للدولة بشكل ديمقراطي ، ثم إعطائها فرصتها لنرى هل ستنجح في إسقاط أعوان مبارك و محاسبتهم ، و أعني هنا الأعوان الكبار ، فالصغار أمرهم سيكون بعد ذلك هين ، و هل ستعمل على توفير بيئة سياسية ديمقراطية حقيقية ، و هل ستؤسس دولة حقوق الإنسان ، أم لا ؟؟؟
لم نشارك في ضجة الدستور ، تلك الضجة المفتعلة ، لأننا نرى الواقع الحالي الحقيقي لمصر ؛ واقع أن مصر يحكمها الآن عمر سليمان و جهاز إستخباراته ، من وراء الستار ، و مجموعة من الضباط الذين إصطنعهم مبارك من قبل بمشورة من عمر سليمان ، و كلهم شركاء في بيع النيل ، و بالتالي خيانة مصر .
لو كنا إنشغلنا بمسألة كتابة الدستور ، لكان ذلك إنشغال بقضية تعد فرعية بالنظر للواقع الحالي ، لأن الدساتير لا تؤسس بيئة سياسية ديمقراطية حقيقية ، و لا تؤسس دول إحترام حقوق الإنسان .
الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية الديمقراطية الحقيقية هي التي تأتي بالدساتير الديمقراطية و تحترمها ، و لن تكون هناك بيئة سياسية ديمقراطية سليمة و أعوان مبارك لهم سلطة .
ملحوظة : إنتهيت من كتابة هذا المقال في تمام الساعة السادسة و دقيقتين من مساء يوم الثلاثاء الموافق الخامس عشر من مايو 2012 ، و ذلك بالتوقيت الصيفي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا ، و الذي يتقدم على توقيت جرينتش بثلاث ساعات .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
15-05-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق