الاثنين، 25 فبراير 2013

لم يكن غضبهم من أجل رسول الله

لم يكن غضبهم من أجل رسول الله
أجد أن أول شيء يجب أن أذكره اليوم ، صباح الجمعة الرابع عشر من سبتمبر ، 2012 ، مادمت سوف أعلق على الأحداث التي جرت مؤخراً في مصر بشأن الفيلم الذي أساء لخاتم النبيين و المرسلين محمد ، صلى الله عليه و سلم ، هو أن أعلن رفضي و إدانتي لأي إساءة تمس الإسلام .
أضيف لذلك إدانتي للإعتداء على مقر سفارة الأمريكية بالقاهرة ؛ و رفضي للطريقة التي يتم بها التعامل مع الإساءات التي تمس الإسلام .
في كل مرة تصدر إساءة للإسلام ، يقوم البعض منا - هذا إن كانوا فعلاً منا فعلا لا اسماً - و لا يقعدون إلا بعد أن يتفضلوا بتقديم خدمة لأعداء الإسلام .
إسمحوا لي بأن أسأل سؤالين هما :
أولاً : هل كان العالم يعلم شيء عن ذلك الفيلم الذي تسبب في الضجة الحالية ، قبل أن تبدأ الضجة ، و التي تشمل الإعتداء على حياة دبلوماسيين أجانب في ليبيا ؟
بقول آخر : ما مدى إنتشار و شهرة ذلك الفيلم عالمياً قبل الضجة و الأحداث الدموية التي جرت ؟
الإجابة معروفة ، و هي أن الفيلم كان مغمور عالمياً ، مثل أصحابه ، قبل الحادي عشر من سبتمبر من هذا العام ، 2012 .
البعض منا - إن كانوا فعلاً منا - هم من تفضلوا بتقديم الدعاية التي كان يحتاجها من كانوا وراء إصدار ذلك الفيلم ، فكل فيلم يحتاج دعاية .
السؤال الثاني : هل كان العالم ، قبل الحادي عشر من سبتمبر من هذا العام ، 2012 ، يتذكر ذلك الفيلم الرديء الذي أصدره ذلك العنصري الهولندي المدعو : خيرت فيلدرز ، و الذي تفضل البعض منا بتقديم دعاية عالمية مجانية له قبل إصداره ؟؟؟
الإجابة : بالتأكيد لا ، فغير المسلمين بالتأكيد نسوه ، و بالتأكيد كان ذلك الفيلم في مزبلة التاريخ قبل أن تعود ذاكرة العالم لإتقاطه منها بعد الحادي عشر من سبتمبر من هذا العام ، 2012 .
أمامنا إذا حالتين ، لفيلمين ينتميان لنفس التصنيف ، الأقدم منهما هو لفيلم تفضل بعض المسلمين بدعوة العالم لمشاهدته قبل أن يصدر ، و الأحدث منهما تفضل البعض بتقديم دعاية له بعد أن صدر ، بل تفضل بإدخاله التاريخ بقتل السفير الأمريكي في ليبيا .
مع فيلم فيلدرز نسى العالم ذلك الفيلم فور أن تجاهلناه ، و في حالة الفيلم الذي كان سبب الضجة الحالية لم يعلم العالم به إلى أن نبهناه .
و ما ينطبق على الأفلام ، ينطبق على كل ما يتطاول على الإسلام ، سواء رسوم كرتونية ، أو روايات أدبية ، أو كتب نقدية ، فلولا الفتوى الخمينية ما كانت رواية آيات شيطانية دخلت التاريخ ، و لولا الضجة و القتل و الحرق و محاولات الإغتيال ما كان العالم يعلم بالرسوم الكرتونية التي تطاولت على خاتم النبيين محمد ، صلى الله عليه وسلم .
إذا ، ألا يتفق معي القارئ الكريم الذي يهمه سمعة الإسلام أن التجاهل في مثل تلك الحالات هو الأفضل ؟
دعونا نترك كل متطاول مغمور ، مغموراً ، دعونا نتركه يسبح في ظلمات التجاهل ، دعونا ننظر لهم بتجاهل و صمت الواثق من نفسه ، لإننا نؤمن بأن الإسلام سيبقى ، و أن هؤلاء المتطاولين سيظلون في ظلمات عالم النسيان .
إنني أرجو القارئ الكريم أن يراجع مقال سابق عنوانه : فيلدرز إنتصر ، و الفضل للبعض منا كالعادة ؛ و قد كتبته و نشرته منذ سنوات أثناء الضجة حول فيلم ذلك العنصري .
إلا إن القضية لا تقف عند هذا الحد ، لأن هناك تطورات حدثت ، فلا يمكن أن نقارن ردة الفعل التي حدثت هذا الشهر بردة الفعل التي حدثت مع فيلم فيلدرز .
هناك إعتداءات قد حدثت على مقار بعثات دبلوماسية ، و مقتل دبلوماسي ، أو دبلوماسيين ، و في هذا نقض منا للمواثيق الدولية التي وقعناها ، و التي تكفل حماية أعضاء البعثات الدبلوماسية ، بل و حصانتهم ضد الملاحقة القضائية و ضد الإعتقال ، و تكفل أيضا حماية مقار البعثات الدبلوماسية .
إنها حماية و حصانة تشبه ، و ربما تكون إمتداد ، للحصانة و الحماية التي كان يتمتع بها حملة الرسائل في العصور الماضية .
إنه إعتداء منا على حق الجوار الذي تعارف عليه العرب منذ أقدم العصور ، و نقض منا لخصلة حميدة عُرفت عن العرب ، هي حمايتهم لضيوفهم .
ربما يسأل سائل : هل كان يجب الإكتفاء بالتظاهر خارج مقار تلك البعثات الدبلوماسية الأمريكية ؟
الإجابة : برغم معارضتي لأي ضجة ، لأن في ذلك دعاية للتطاول ، إلا إن البعض قد لا يعجبه تلك السياسة و يفضل تقديم دعاية مجانية للمتطاولين ؛ إذا في مثل تلك الحالات يجب النظر لطبيعة الدولة التي صدر فيها التطاول .
فنسأل : هل هي دولة تنتمي للعالم الحر ، و فعلا بها حرية واسعة للتعبير ، و يتم فيها أحياناً التطاول على الأديان و رموزها ، بما في ذلك التطاول على دين الأغلبية ، أم إنها دولة إستبدادية ، مثل الصين ، لا يصدر شيء فيها إلا بموافقة من السلطات الرسمية ؟
في الحالة الأولى لا يصح التظاهر لأن لا علاقة للأجهزة الرسمية في تلك الدولة بما يصدر فيها من أعمال سينمائية و فنية و كتابات ... إلخ ، و في الحالة الثانية يصح التظاهر السلمي ، و أشدد على كلمة السلمي ، مع إحترام حرمات المقار الدبلوماسية و المحافظة على سلامة أعضاء البعثات الدبلوماسية و كل المواطنين المنتمين لذلك البلد الذي أجاز التطاول على الإسلام .
كان يمكن أن أقف عند هذا الحد لإنهي مقالي هذا ، لو لم يكن هناك دوافع أخرى وراء ما حدث ، لا علاقة لها بالغيرة على الإسلام ؛ دوافع سياسية تتعلق بربيع العرب .
دعونا نسأل : لماذا كان كل الهجوم موجه لأمريكا فقط ، بالرغم من عدم مسئولية السلطات الرسمية الأمريكية عن الفيلم ، و بالرغم من أن في أمريكا هناك من يتطاول على المسيح عيسى بن مريم ، عليه السلام و على أمه البتول السلام ، و لم يتظاهر شخص واحد في مصر ، سلميا ، ضد إسرائيل التي ينتمي لها صاحب فكرة الفيلم ، و الذي جمع التمويل الذي وصل إلى خمسة ملايين دولار أمريكي تقريبا ، أي الشخص الرئيسي وراء إصدار الفيلم ، مع ملاحظة أن السؤال ليس دعوة للتظاهر ، لأن هذا سيكون تناقض مع ما سبق أن كتبته عالية ؟؟؟
الإجابة هي : لأن حكومة نتنياهو - ليبرمان اليمينية المتشددة تعارض ربيع العرب ، لدرجة إنها الآن تدعم آل سعود ، و أصبحت لا تعارض أي صفقة أسلحة غربية يبرمها آل سعود ، و لأن حكومة نتنياهو - ليبرمان ساندت مبارك لآخر لحظة ، و لأن الإعلام الإسرائيلي اليميني سبق أن أعلن إرتياحه لترشيح أحمد شفيق للرئاسة ، بينما الإدارة الأمريكية تخلت عن كل من مبارك و بن علي ، و دعمت عسكرياً سقوط القذافي ، و تدعم دبلوماسيا الثورة السورية ضد النظام البعثي .
هولاء الذين خططوا في مصر للإعتداء على السفارة الأمريكية ، هم المباركيين ، الناصريين فكراً ، و الذين سبق أن دعموا الصرب في حربهم على مسلمي البوسنة ، و سمحوا بتصدير البترول المصري للصرب أثناء الحرب البوسنية ، برغم الحظر الدولي الذي كان مفروض آنذاك ، و هم من عارضوا القصف الأمريكي للصرب أثناء تحرير كوسوفو ؛ و هدفهم الآن أن ينفض العالم يديه من الثورة السورية ، و لا يريدون أي نقد دولي عندما يشرعون في المستقبل في سحق كل مظاهر الديمقراطية و حقوق الإنسان على قلتها و زيفها بالحديد و الدم و النار .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
14-09-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق