الثلاثاء، 19 فبراير 2013

بدون الحكم ليست ثورة

بدون الحكم ليست ثورة
 
عندما أطلق على التحرك الشعبي الذي بدأ في مصر في الخامس و العشرين من يناير 2011 ثورة شعبية ، فإنني صراحة أطلق هذا الوصف - حتى الآن - من باب الأمل ، و ليس إستناداً على حقيقة صارمة .
من باب الأمل أن تتطور الأحداث ، و تأخذ شكل أخر ، تستحق معه وصفها بالثورة الشعبية السلمية التي أملنا فيها ، و عملنا لها ، و أسهمنا فيها ، كل على قدر إمكاناته .
مجموعة الأحداث المعنية بالحديث ، و التي حدثت حتى الآن ، تستحق - بالميزان المنصف - وصفها بالهبة الشعبية ، و ليست بالثورة الشعبية .
لأستخدم الأمثلة التاريخية - المحلية ، و العالمية - لشرح الموقف الحالي الذي نقف فيه .
الموقف الحالي لو طبقناه على ثورة مصر في 1805 فسيكون أشبه بمطالبة الثوار - و بعد إسقاطهم للوالي العثماني خورشيد - السلطان العثماني بإرسال والي جديد ، بدلاً من قيام الثورة بإختيار حاكم مصر ، مع ملاحظة التجاوز التاريخي الذي قمت به ، حيث أن ثورة 1805 بدأت بإختيار محمد علي أولاً ثم قامت بعد ذلك بخلع خورشيد ، و لكني أتجاوز تاريخياً ليكون المثل أقرب - بعض الشيء - للوضع الحالي في مصر .
أو أن تقوم جماهير ثورة 1919 بمطالبة المندوب السامي البريطاني بكتابة دستور لمصر ، و الإشراف على الإنتخابات البرلمانية ، بدلاً من العمل من أجل نيل الإستقلال ، و تأكيد إستقلالية الإرادة المصرية .
أو أن تقوم جماهير الثورة الفرنسية - تلك الثورة التي تعد المثال الأشهر بين كل الثورات الشعبية في العالم - بعد إسقاط لويس السادس عشر عن العرش الفرنسي ، بتكليف كبار النبلاء بمحاكمة لويس السادس عشر ، من الألف إلى الياء ، و كذلك تكليفهم - أي هؤلاء النبلاء - بصياغة دستور جديد ، و وضع قانون الإنتخابات ، و الإشراف على الإنتخابات البرلمانية .
أو أن يقوم الثوار الأمريكيون ، بعد تحقيق بعض الإنتصارات الأولية على الجيوش البريطانية بإرسال طلب إلى الملك في لندن ، ليرسل حكام جدد للولايات ، و إلى البرلمان البريطاني في لندن ليكتب لهم دستور ، و يشرع لهم قوانين .
أو أن يكتفي الروس في 1917 بإسقاط القيصر ، و الموافقة على تولي مجلس عسكري من رجال الجيش و الأسطول مقاليد السلطة ، و أن يعهد إلى هؤلاء العسكريين بمحاكمة القيصر ، و غيره ، مع العلم أن هؤلاء الرجال العسكريين الذين أشرت إليهم ، هم من قادوا في حقيقة الأمر القوات ، و الجيوش ، التي حاولت وأد الثورة الروسية بقوة السلاح .
فهل كان لمصر أن تحمي نفسها من إحتلال بريطاني مبكر في 1807 ، و تدخل العصر الحديث بكل معنى الكلمة ، لو كان أجدادنا ، ثوار 1805 ، فكروا بنفس العقلية المحدودة التي يتمتع بها بعض ثوريينا الآن ؟؟؟
هل كانت مصر ستعرف الإستقلال - المنقوص ، و لكنه كان خطوة للأمام - في 1922 ، ثم تعرف معاهدة 1936 ، التي قلصت الوجود العسكري البريطاني ، و هل كانت ستستطيع أن تقول كلمتها في أثناء الحرب العالمية الثانية ، فلا تتكرر السخرة ، و التجنيد الإجباري ، و خطف الناس من المساجد و الأسواق ، كما كان يحدث أثناء الحرب العالمية الأولى ، و هل كانت مصر ستعرف الحقبة الديمقراطية الأولى التي إمتدت من 1923 إلى 23 يوليو 1952 ، و بطولات معارك القناة ، و منها بطولة شرطة الإسماعيلية ، لو كان أجدادنا ثوار 1919 يفكرون بنفس الإسلوب الذي يفكر به بعض من يدعون الثورية الآن ؟؟؟
هل كانت فرنسا ستعرف الجمهورية ، و تترسخ في الوجدان الشعبي الفرنسي فكرة الجمهورية بدرجة لم يكن من الممكن إستئصالها حتى بعد عودة الملكية ، و تعرف البرلمان الشعبي ، و تعرف إعلان حقوق الإنسان و المواطن ، و حزمة قوانين نابوليون ، لو كان الثوار أسلموا زمام القيادة لكبار النبلاء ؟؟؟
هل كان سيكون هناك إعلان الإستقلال ، و الدستور ، الأمريكيين ، و تتحول الولايات المتحدة إلى قوة عالمية كبرى ، أسهمت في إنقاذ العالم من الخطر النازي ، و قدمت للعالم الكثير من المنجزات العلمية ، و الحضارية ، لو إكتفى الثوار الأمريكيون فقط ببعض الحقوق ، و تركوا لندن ترسم الخطوط العريضة لحياتهم السياسية ؟؟؟
ألم تكن الولايات المتحدة لتصبح مثل أستراليا ، و كندا ، لو إستمرت تابعة للتاج البريطاني ؟
و لو كان الروس في 1917 قبلوا بمجلس عسكري حاكم ، يشبه مجلسنا الحالي ، مجلس لا يجد غضاضة ، أو حرج ، في إستعمال كافة الوسائل للمحافظة على النظام القديم ، لما كان بمقدورهم ، هم و معظم شعوب الإتحاد السوفيتي ، مقاومة جيوش النازية ، و لتحقق حلم هتلر - الذي سطره في كتابه : كفاحي - في إقامة إمبراطورية ألمانية عنصرية كبرى في أوروبا الشرقية تقوم على إحتلال روسيا ، و أوكرانيا ، و بيلاروسيا ، و إستعباد أهلها ، و لإكتمل له إحتلال أوروبا بعد ذلك ، و الشرق الأوسط ، و شمال أفريقيا ، و لتغير التاريخ العالمي للأسوء .
الثورة ، لكي تكون ثورة ، يجب أن تقوم بتغيير الواقع ، تغيير جذري ، إيجابي .
كالتغيير الذي شهدته مصر بعد ثورتي 1805 ، و 1919 ، الشعبيتين ، و كالذي شهدته كل من فرنسا ، و الولايات المتحدة الأمريكية ، و روسيا ، بعد ثوراتهم المشار إليها سابقاً .
الثورة لكي تكون ثورة يجب أن تمسك بالحكم ، لأن الحكم هو الأداة التي يمكن بها التغيير الجذري - و أشدد على كلمة الجذري - فبدون التغيير الجذري ليست هناك ثورة .
 

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
 

17-08-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق