الأربعاء، 20 فبراير 2013

الثورة الناجحة لا تترك لأعدائها أي نفوذ

الثورة الناجحة لا تترك لأعدائها أي نفوذ
 
الثورة تغيير .
و كتوصيف أفضل : الثورة تغيير شامل يكتسح ما سبقه ، و لهذا نجد دائماً أن التغيرات الكبيرة الكاسحة ، توصف غالباً بالثورات ، و ذلك في شتى الميادين ، و ليس فقط في ميدان السياسة .
هناك ثورات تقنية - أي تكنولوجية - كالثورة الصناعية ، و الثورة
الزراعية ، و ثورة الإتصالات ، و ثورة علم الأحياء - أو البيولوجي - و هلم جر .
و هناك ثورات إجتماعية ، و ثقافية ، و دينية ، تغير الأوضاع السائدة قبلها ، و يجب أن يُلاحظ هنا إنني لا أدخل في نطاق الثورات الثقافية الثورة الثقافية الصينية في عهد ماو تسي تونج ، التي تعد جريمة بكل المقاييس ، و المفاهيم .
و كل ثورة لها أعداء ، حتى الثورات التقنية لها في بعض الأحيان أعداء ، كالعداء الذي كنته ، و لازالت تكنه ، الأنظمة القمعية في أنحاء العالم لبعض أشكال ثورة الإتصالات ، مثل العداء للإنترنت في الصين الشعبية ، و في معظم الدول العربية و منها مصر بالطبع ، و الحرب التي شنتها السلطات القمعية في عهد مبارك على أجهزة إستقبال القنوات الفضائية في أواخر الثمانينيات ، و أوائل التسعينيات ، من القرن الماضي ، و هي حرب لازالت قائمة بشكل آخر ، بعد أن أصبح من المستحيل إستئصال أجهزة الإستقبال من فوق الأبنية ، و من شرفات المساكن ، و من المقاهي ، و المطاعم .
كل تغيير له أعداء إذاً ، خاصة التغيير السياسي ، أو الثورات السياسية ، لأن الثورات السياسية من الممكن أن نعدها قاطرة تقطر ورائها الكثير من الثورات الأخرى ، لأن الحكم هو أداة تغيير عظيمة المفعول ، واسعة الطيف ، و قد تعاملت مع مبدأ إرتباط الثورة السياسية بالحكم في مقال : بدون الحكم ليست ثورة ، و نشر في السابع عشر من أغسطس 2011 .
المناخ السياسي عندما يتغير للأفضل يفجر الكثير من الطاقات ، فتحدث الكثير من الثورات الأخرى في نفس المجتمع ، و يكفي أن نعود للقرن العشرين ، لنشاهد كيف أدت ثورة 1919 الشعبية إلى تغيرات كبيرة إيجابية في المجتمع المصري ، سواء علمية ، أو ثقافية .
كم نابغة لمع ، و كم عبقري سطع ، في الفترة المحصورة بين 1919 و يوليو 1952 ؟
لا أستطيع في فقرة من مقال أن أحصر كافة نوابغ تلك الفترة ، في شتى ميادين الحياة ، من علم الفزياء ، إلى الأدب و الفنون .
الآن ، لنحصر الحديث في الثورات السياسية فقط ، لأهميتها ، و لإنها ما تهمنا في هذه المرحلة التاريخية الهامة من عمر مصر .
أعداء التغيير - و حديثي الآن عن التغيير السياسي - هم العقبة التي تقف في وجه التغيير ، و تحاول إحباط ذلك التغيير ، أو إحباط الثورات السياسية .
لهذا فلا يوجد تغير سياسي نجح ، و رسخ ، و كان أعدائه يتمتعون بسلطة ، أو نفوذ ، لأنهم لا يخلصون للنظام السياسي الجديد ، لأسباب كثيرة ، منها شعورهم بالخسارة ، و الهزيمة .
لقد منحت ثورة 1919 الشعبية سلطة كبيرة للعرش ، فكان ذلك سبباً في إنهيار النظام الذي أسسته ، بسبب حالة عدم الإستقرار السياسي التي تسبب فيها العرش بسوء إستخدامه لتلك السلطة .
و في جمهورية وايمر ، و أعني الجمهورية التي تأسست في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ، تركت تلك الجمهورية لأعداء الجمهورية ، من أنصار النظام القيصري السابق ، باب المشاركة في السلطة مفتوحاً ، فكان أن تقوضت تلك الجمهورية على يد أعدائها هؤلاء ، الذين أسهموا في قيام العهد النازي .
على الجانب الآخر من التاريخ نجد أمثلة لثورات ، أو تغيرات سياسية ، ناحجة ، و السبب الأساسي في نجاحها هو إنها لم تترك لأعدائها أي سلطة ، و ضيقت عليهم فرص التآمر عليها .
في الثورة الفرنسية رأى الثوار كيف ظل الملك يتآمر على الثورة ، فكان أن حاكمته ، و أعدمته ، و لاقى نفس المصير الكثير من أعداء الثورة ، فرسخت الثورة ، و تعمقت جذورها في التربة السياسية الفرنسية ، و لم تستطع الأسرة المالكة العودة إلا بمساعدة الجيوش الملكية الأوروبية ، و حتى تلك العودة لم تعمر للأبد ، فبعد حكم ثلاثة ملوك سقطت تلك الأسرة .
و الديمقراطية رسخت في ألمانيا ، متمثلة في الجمهورية الإتحادية القائمة الآن ، بعد أن تعلم الشعب الألماني من درس جمهورية ويمار ، فلم يترك لعناصر النظام النازي أي سلطة ، فحوكم المجرمين منهم ، و مُنع من العمل السياسي كل من إنتمى لذلك العهد الدموي .
و في مصر ، و بعد ثورة 1805 ، حاول محمد علي الكبير أن يتعاون مع أحد أركان النظام القديم ، و أعني المماليك ، حيث حاول إدماجهم في نظام الحكم الجديد الذي كان نتاج ثورة 1805 ، لكنهم ظلوا على عدم إخلاصهم للنظام الجديد ، فكان أن رأى ضرورة التخلص منهم ، و قد كان في 1811 ، لتدخل مصر ، بعد خروج المماليك من مسرح التاريخ ، عصر جديد ، العصر الحديث .
لكن يجب أن يوضع في الإعتبار الإختلاف بين 1811 ، و 2011 .
الخلاص من أعداء الثورة في 2011 يجب أن يكون بالقانون المدني العادل ، و من خلال قضاء مدني نزيه ، فما كان ربما مقبول في 1811 ، ليس مقبول أبداً في 2011 ، و تعامل ألمانيا الإتحادية مع عناصر العهد النازي هو النهج الأفضل في رأيي .
لا يصح قبول فكرة ، أو نصيحة ، دمج عناصر النظم القديمة الإستبدادية الدموية الفاسدة في النظم الجديدة التي يجب أن تكون ديمقراطية و نظيفة ، و هي النصيحة السيئة التي دأب على تقديمها للعرب بعض الغربيين منذ بزغ ربيع العرب في يناير 2011 .
عناصر الأنظمة الساقطة سيعملون في الأنظمة الجديدة مثل عمل السوس الذي ينخر في جذوع الأشجار فيسقطها ، أو مثل الجراثيم الخطيرة الكامنة في الجسم التي تنتظر الفرصة لتضرب ضربتها القاضية .
بالطبع فكرة رفض دمج عناصر النظم المنهارة الإستبدادية في السلطة تنطبق على الدول التي نجحت شعوبها في إسقاط الأنظمة الإستبدادية ، و هذا لا ينطبق بأي حال على مصر حتى اليوم ، التاسع و العشرين من أغسطس 2011 .
ما حدث في مصر في 2011 ، و حتى اليوم ، و بالتصنيف المنصف ، هو هبة شعبية ، و ليس ثورة شعبية .
هبة شعبية أسقطت رأس النظام ، و لكنها لم تسقط النظام ، لأن الثورات تسقط الأنظمة .
عندما تتحول هبة الخامس و العشرين من يناير 2011 إلى ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، علينا أن نبعد أعداء الثورة عن أي سلطة سياسية ، و نحول بينهم و بين شغل أي منصب سياسي ، أو عسكري ، أو أمني ، أو تعليمي ، لأن الثورة لكي تنجح عليها ألا تترك لأعدائها أي نفوذ ، و ألا تسمح لهم بأي فرصة للتآمر عليها .

 
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
29-08-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق