الأربعاء، 20 فبراير 2013

الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب

الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
 
إنتهت الضجة الأردوغانية في مصر ، و عاد الحديث عن الشأن الداخلي المصري ، و عندما يتلاشى ضجيج العواطف ، يمكن أن يُسمع صوت العقل الهادئ ، لهذا يمكن اليوم ، صباح السادس عشر من سبتمبر 2011 ، الحديث بعقلانية عن مستقبل الظاهرة الأردوغانية في مصر و المنطقة .
أكثر اللافتات التي رُفعت مخوفة من النفوذ التركي هي لافتة عودة الدولة العثمانية ، و هو قول إن كان المعني به العودة الحرفية للدولة العثمانية ، فهو بلا شك حديث جنون مطبق ، فالسلالات الملكية لا تعود هذه الأيام ، و كمثال : ليبيا إستدعت العلم الملكي و لم تستدع ولي العهد الليبي .
أما إن كان المعني هو تزايد النفوذ السياسي التركي في المنطقة ، و إنها - أي تركيا - ستتحول إلى قاطرة تقطر ورائها الدول العربية ، فأيضاً هو حديث لا يعبر عن الموقف الحقيقي ، فلا أمل لتركيا في أن تقود العالم العربي .
تركيا دولة قطعت شوط كبير في ميدان الديمقراطية ، و حزب العدالة و التنمية لا يمكن أن يظل للأبد في الحكم ، حتى لو إستمر نجاحه الإقتصادي ، و حتى لو تجنب كل ما تقع فيه الأحزاب السياسية التي يطول بها زمن الجلوس في مقاعد الحكم ، من فساد و ترهل و جمود فكري ، و ذلك بسبب طبيعة الشعوب و التي لا تطيق هيمنة حزب على الحكم لمدة طويلة بلا إنقطاعات .
و من مظاهر التأكيد على إنه لن يظل في الحكم للأبد ، أن حزب العدالة في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة فقد بعض مقاعده البرلمانية لحساب المعارضة ، و كان سبب ذلك هو رفض الشعب التركي أن يعطي حزب العدالة أغلبية تمكنه من كتابة دستور جديد بمفرده بدون التعاون مع الكتل البرلمانية الأخرى ، و في هذا دليل ناصع على أن تأييد غالبية الشعب التركي لحزب العدالة و التنمية إنما يقوم على دوافع إقتصادية ، و ليس لأسباب أيديولوجية ، أي عقائدية سياسية - ثقافية - إجتماعية ، و من هذا يمكن التأكيد على أن حكم حزب العدالة لن يظل للأبد ليمكن بناء تحالف إستراتيجي مع تركيا التي يقودها حزب العدالة و التنمية ، و في هذا أيضا دليل على مصداقية قولنا في حزب كل مصر : لا خوف من الإخوان في أي دولة ديمقراطية .
فماذا سيكون عندما يخرج حزب العدالة و التنمية من الحكم ؟؟؟
الحزب الثاني في تركيا حالياً هو الحزب الجمهوري ، و الذي ينتمي لتيار يسار الوسط ، ذو التراث الأتاتوركي ، و بالتالي ذو نزعة قومية تركية ، و بالتالي لا يمكن أن يكون لتركيا في حال وصوله للحكم أي نفوذ في العالم العربي ، و الحزب الثالث أضعف من أن نفكر في إنه سيصل للحكم في المستقبل المنظور فقد دخل البرلمان التركي هذا العام بشق الأنفس ، و هو و إن كان يحمل صبغة إسلامية ، إلا إنه ذو نزعة قومية تركية قوية للغاية تقتل أي إحتمال في إنه يمكن أن تلقى فكرة النفوذ التركي ، في ظل قيادته ، أي قبول في العالم العربي .
فكرة النفوذ التركي في العالم العربي مرهونة ببقاء حزب العدالة و التنمية في الحكم ، و حتى في ظل حكم حزب العدالة و التنمية لا يمكن أن تقود تركيا العالم العربي ، ليس فقط لتاريخ الحكم العثماني الذي أصبح منذ زمن طويل في منطقتنا مرادف للظلام و التخلف و الضعف ، و ليس فقط لأن المشاعر القومية و الوطنية في العالم العربي قوية ، بحيث لا تقبل بهيمنة تركية سياسية أو ثقافية ، بل و أيضاً بسبب المواقف التي وقفتها حكومة رجب طيب
أردوغان تجاه ثورات ربيع العرب 2011 .

حكومة أردوغان لم تقف موقف حازم صلب مؤيد للشعب الليبي في ثورته ، فكان موقفها باهت ضعيف ، و هذا يحد من نفوذ تركيا الأردوغانية في ليبيا عندما يأتي وقت الحديث العقلاني في ليبيا بعد إستقرار الأوضاع .
أما في سوريا فالموقف التركي الأردوغاني أسوء ، ففي سوريا إنكشفت الحكومة الأردوغانية على حقيقتها بمواقفها المتعاطفة مع نظام آل الأسد ، و هي مواقف لازالت طازجة ، و لا حاجة بالتالي لسردها .
أما الموقف الأردوغاني تجاه القضية الفلسطينية ، فهو و لا شك مشرف ، و لكنه لا يكفي لأن يفسح لتركيا الأردوغانية مقعد القيادة في العالم العربي ، أو يجعلها قاطرة سياسية تقطر الدول العربية ، و على العموم مصر أولى بذلك الدور نحو شعب شقيق جار من تركيا .
إذا كان سياسياً ليس مقدر لتركيا الأردوغانية ، أو تركيا حزب العدالة و التنمية ، قيادة العالم العربي ، فإنه كذلك ليس مقدر لها أن تفرض هيمنة ثقافية سياسية على العالم العربي .
لقد كثر ، و منذ وصول حزب العدالة و التنمية للحكم في تركيا في أوائل هذا القرن ، الحديث عن نموذج حزب العدالة و التنمية ، و إنه بالإمكان تبنيه في العالم العربي .
ربما كان ذلك صحيحاً عندما كان الجميع في الخارج يعتقد أن الهيمنة في الشارع السياسي العربي ، و المصري خصوصاً ، هي للتيار الإخواني و أشباهه ، و لكن أعتقد ، و بعد ربيع العرب ، الذي إنفجر بدون مشاركة الإخوان ، أصبح لا حاجة لترديد أغنية حزب العدالة و التنمية التركي على المستوى الوطني العام ، و الإكتفاء بترديدها في أوساط الأحزاب الشبيهة بحزب العدالة و التنمية ، فمصر ليست كما تصورت الإدارات الحاكمة الغربية ، و لازالت تتصور ، في قبضة الإخوان .
مصر أغنى سياسياً ، و ثقافياً ، من أن تنحصر في لون سياسي أو ثقافي واحد .
نموذج الحكم الذي يقدمه حزب العدالة و التنمية منذ سنوات لا يمكن أن يجذب الشعوب العربية بعد ربيع العرب 2011 ، فقد أصبحت الطموحات الشعبية كبيرة للغاية في ميادين الحريات السياسية و الشخصية ، و في مجالي الثقافة و حقوق الإنسان ، و حزب العدالة و التنمية ، بإستثناء نجاحه الإقتصادي ، منحنى الحريات و حقوق الإنسان في تركيا في ظل حكمه آخذ في الإنخفاض بعد الإرتفاع الذي شهده في السنوات الأولى لحكم أردوغان .
الآن هناك تلفيق إتهامات للكتاب و الصحفيين الغير متماشين مع التيار الأردوغاني ، و تضييق في ميدان الإنترنت ، و يكفي الموقف الأردوغاني من موقع يوتيوب ، هذا إضافة لتحول تركيا الأردوغانية تدريجياً لدولة بوليسية ، من أظهر ملامحها تزايد التجسس على المواطنين .
الحديث الغربي عن تركيا الأردوغانية كنموذج يجب أن يحتذيه العرب أصبح حديث من الماضي بالنسبة للعرب ، فقد تجاوزه العرب بربيعهم و بطموحاتهم .
العرب يتطلعون لما هو أفضل من نموذج يقدم الخبز ، و يقيد الحريات تدريجياً ، و يضطهد خصومه بحقد .
العرب يتطلعون للرفاهية مع الحرية ، و إحترام حقوقهم الإنسانية كاملة ، و تركيا الأردوغانية لا تقدم هذا كنموذج تطبيقي .
رسالة للشعب المصري ، تعد جزء من المقال : أدرس حالياً فكرة العودة إلى مصر ، القضية هي موازنة بين الإعتقال فور العودة بناء على التهديدات التي وصلتني بكثرة ، و بالتالي عدم قدرتي على الكتابة و بناء حزب كل مصر ، و بين الإستمرار في مواصلة مشاركتي في الثورة بالكلمة المكتوبة و المنطوقة من المنفى ، برغم مخاطر المنفى ، في الحالين أتطلع لدعمكم .

 
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
 
16-09-2011


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق