الأحد، 10 فبراير 2013

السنن السورية السياسية السيئة

السنن السورية السياسية السيئة

لا يمكن أبدا إخفاء الإسهام السوري العظيم في الميدان الحضاري ، و لا يمكن كذلك إنكار ما يتميز به معظم المواطنين السوريين من ميزات سلوكية ، تلك الميزات السلوكية الممتازة التي كانت السبب في النجاحات التي ترى بوضوح عند النظر للجاليات السورية حول العالم .

و لكن على قدر ما كان النجاح السوري الشعبي في ميدان الإبداع الحضاري ، و في ميادين التجارة ، و الأعمال ، و المال ، كان هناك بالموازاة فشل كبير ، و شبه دائم ، في الميدان السياسي .

لقد كانت سوريا الرائعة بطبيعتها ، و بأفراد شعبها ، هي من سنت أسوء سنن سياسية في تاريخ العرب السياسي ، حين ساندت أولا الحكام غير الشرعيين ، ثم الأسوء حين حولت الحكم من الشورى للتوريث ، أو بقول عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه : إلى كسراوية هرقلية ، أي على النمط الفارسي الساساني ، و الروماني البيزنطي ، في توريث الحكم .

لن أدخل في تفاصيل منازعة معاوية بن أبي سفيان ، لأمير المؤمنين الشرعي ، علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، فقد أفاض فيها الملايين ، و يكفي القول بأنها كانت منازعة من غير الشرعي للشرعي ، و للأسف وقف السوريون آنذاك مع غير الشرعي .

لم يقف الإسهام السوري السياسي في بداية تاريخ سوريا العربي عند ذلك الخطأ الفادح ، فقد إمتد بعد ذلك لما هو أبعد ، و ذلك بإقرار مبدأ توريث الحكم غصبا ، حين تم التوريث ليزيد بن معاوية ، و هو من نعرفه ، و يكفي وصف أهل المدينة المنورة له ، في حياته ، بيزيد الفهود ، و غير ذلك من النعوت ، أي لم يكن التوريث لأجل كفاءة تمتع بها ، أو ميزة طيبة ميزته عن غيره ممن كانوا يصلحون للخلافة في زمنه .

بعد مساندة غير الشرعي ، ثم مساندة توريث غير الكفؤ ، كانت السنة السورية السيئة الثالثة ، و هي متابعة الحاكم في غيه ، و ظلمه ، حين ساند السوريون يزيد بن معاوية في حربه ضد أهل المدينة المنورة ، و إختصارا للحيز ، و لوقت القارئ الكريم ، يكفي الإحالة لتفاصيل موقعة الحرة ضد أهل المدينة المنورة ، و التي تشبه في فظائعها فظائع الجيش السوري البعثي ، في سوريا ، و لبنان ، بحق السوريين ، و الفلسطينيين ، و اللبنانيين .

بعد يزيد ، بدأت الكرة من جديد ، فكانت المساندة السورية لمروان بن الحكم ، و إعتباره الخليفة الشرعي ، في وجه عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ، الذي حظى بالبيعة في الجزيرة العربية ، و مصر ، و العراق ، و كان بإقرار الفقيه الكبير ابن حزم الأندلسي هو الخليفة الشرعي ، وفق المقاييس الشرعية ، و شهادة ابن حزم تكفي في هذا الشأن ، لأنه عرف بالولاء الشديد لبني أميه ، لدرجة إنه أتهم بأنه ناصبي .

و بمناسبة الحديث عن مروان بن الحكم ، أنوه بأن وزارة التربية و التعليم في مصر ، في وقت أن كنت طالبا في المرحلة الإعدادية ، كانت تعتبر أن مروان بن الحكم هو الخليفة الشرعي ، و ليس خارج ، و مدعي ، و أن عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ، هو الخارج على الخلافة الشرعية ، و لا أعرف إن كانت مستمرة على هذا الرأي ، أو ذلك الغي ، لليوم أم لا .

بالعودة للموضوع ، نجد أن نفس السيناريو السابق تكرر ، فبعد مساندة غير الشرعي كانت مساندة التوريث غير الشرعي ، ثم مساندة الطاغية في غيه ، فكانت مساندة عبد الملك بن مروان ضد عبد الله بن الزبير ، و هي المساندة التي أفضت إلى ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق ، أي كانت الجريمة ، أو ثالثة السنن السورية .

ما أكتبه الأن ليس عودة للتاريخ لمجرد القراءة ، بل للمقارنة بالحاضر ، فالشعب السوري حكمه حاكم غير شرعي ، هو حافظ الأسد ، ثم كان السكوت السوري الشعبي على التوريث ، فكان الشعب السوري هو أول من سن سنة التوريث في الأنظمة الجمهورية العربية ، فأصبح السوريون بذلك أول من أسهم في تحويل الجمهورية ، و لو كانت إسمية ، إلى وراثية ، تماما كما ساندوا ، من قبل ، تحويل الخلافة إلى كسراوية هرقلية .

و بما إنه لا يوجد نظام غير شرعي لا يرتكب جرائم ضد الإنسانية ، فالنظير المعاصر لموقعة الحرة ، و حصار مكة ، و ضرب الكعبة بالمنجنيق ، هو ضرب المعارضين ، سواء في سوريا ، و أو في خارجها ، من السوريين ، و غير السوريين ، وضرب بغداد ، و سائر أنحاء العراق ، بالإرهاب .

أن النظرة التاريخية المقارنة تجعلني أعتز بالتراث المصري في هذا الشأن ، فقد ساند الشعب المصري أمير المؤمنين الشرعي ، علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، حين نازعه معاوية الخلافة ، و قاومت مصر مروان بن الحكم ، حين تقدم ليضم مصر إلى ملكه ، و بلدة الزبيرية في محافظة الغربية ، و بلدة الشهداء ، في محافظة المنوفية ، تشهدان على عنف المقاومة المصرية لمروان بن الحكم ، و في القرن الحادي و العشرين الميلادي هتفنا ، و نهتف ، و سنهتف ، ضد حاكمنا غير الشرعي الحالي ، و ضد تحويل الجمهورية - و لو كانت حاليا مجرد جمهورية إسمية - إلى كسراوية هرقلية رسمية .

في كل الأحوال لنا أن نفخر كمصريين بإننا لم نأخذ بالسنن السورية السياسية السيئة ، مع حبنا للشعب السوري الشقيق ، و تقديرنا لإنجازات الشعب السوري في الميادين الحضارية الأخرى .

إنني أهيب بالشعب المصري أن يستمر في الأخذ بسنتيه الحميدتين ، و هما : مقاومة الحكام غير الشرعيين ، و رفض توريث أمثال يزيد الفهود ، من الجيل الثاني للطغاة .


13-07-2010


تسلمت في هذا الشهر ، يوليو 2010 ، خطاب رسمي من السفارة الألمانية في بوخارست ، يفيد برفض طلبي اللجوء سياسيا إلى ألمانيا .

أنني أحترم القرار الألماني ، و الذي للأسف أتخذ إلتزاما من ألمانيا بالمعايير البيروقراطية ، دون النظر للواقع الفعلي .


ملحوظة دائمة : أخلي مسئوليتي من أي تلاعب أمني صبياني ، أو لأي غرض أخر ، يصيب المقالات المنشورة بالتشويه ، سواء بتشويه طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و أرجو القارئ الكريم ألا يسمح لأمثال هذه الألاعيب بأن تصرفه عن صلب المقالات .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

13-07-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق