السنن السورية السياسية
السيئة
لا يمكن أبدا إخفاء الإسهام السوري
العظيم في الميدان الحضاري ، و لا يمكن كذلك إنكار ما يتميز به معظم المواطنين
السوريين من ميزات سلوكية ، تلك الميزات السلوكية الممتازة التي كانت السبب في
النجاحات التي ترى بوضوح عند النظر للجاليات السورية حول العالم
.
و لكن على قدر ما كان النجاح السوري
الشعبي في ميدان الإبداع الحضاري ، و في ميادين التجارة ، و الأعمال ، و المال ،
كان هناك بالموازاة فشل كبير ، و شبه دائم ، في الميدان السياسي
.
لقد كانت سوريا الرائعة بطبيعتها ، و
بأفراد شعبها ، هي من سنت أسوء سنن سياسية في تاريخ العرب السياسي ، حين ساندت أولا
الحكام غير الشرعيين ، ثم الأسوء حين حولت الحكم من الشورى للتوريث ، أو بقول عبد
الله بن الزبير ، رضي الله عنه : إلى كسراوية هرقلية ، أي على النمط الفارسي
الساساني ، و الروماني البيزنطي ، في توريث الحكم
.
لن أدخل في تفاصيل منازعة معاوية بن
أبي سفيان ، لأمير المؤمنين الشرعي ، علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، فقد أفاض
فيها الملايين ، و يكفي القول بأنها كانت منازعة من غير الشرعي
للشرعي ، و للأسف وقف السوريون آنذاك مع غير الشرعي
.
لم يقف الإسهام السوري السياسي في
بداية تاريخ سوريا العربي عند ذلك الخطأ الفادح ، فقد إمتد بعد ذلك لما هو أبعد ، و
ذلك بإقرار مبدأ توريث الحكم غصبا ، حين تم التوريث ليزيد بن معاوية ، و هو من
نعرفه ، و يكفي وصف أهل المدينة المنورة له ، في حياته ، بيزيد الفهود ، و غير ذلك
من النعوت ، أي لم يكن التوريث لأجل كفاءة تمتع بها ، أو ميزة طيبة ميزته عن غيره
ممن كانوا يصلحون للخلافة في زمنه .
بعد مساندة غير الشرعي ، ثم مساندة
توريث غير الكفؤ ، كانت السنة السورية السيئة الثالثة ، و هي متابعة الحاكم في غيه
، و ظلمه ، حين ساند السوريون يزيد بن معاوية في حربه ضد أهل المدينة المنورة ، و
إختصارا للحيز ، و لوقت القارئ الكريم ، يكفي الإحالة لتفاصيل موقعة الحرة ضد أهل
المدينة المنورة ، و التي تشبه في فظائعها فظائع الجيش السوري البعثي ، في سوريا ،
و لبنان ، بحق السوريين ، و الفلسطينيين ، و اللبنانيين
.
بعد يزيد ، بدأت الكرة من جديد ، فكانت
المساندة السورية لمروان بن الحكم ، و إعتباره الخليفة الشرعي ، في وجه عبد الله بن
الزبير ، رضي الله عنه ، الذي حظى بالبيعة في الجزيرة العربية ، و مصر ، و العراق ،
و كان بإقرار الفقيه الكبير ابن حزم الأندلسي هو الخليفة الشرعي ، وفق المقاييس
الشرعية ، و شهادة ابن حزم تكفي في هذا الشأن ، لأنه عرف بالولاء الشديد لبني أميه
، لدرجة إنه أتهم بأنه ناصبي .
و بمناسبة الحديث عن
مروان بن الحكم ، أنوه بأن وزارة التربية و التعليم في مصر ، في وقت أن كنت طالبا
في المرحلة الإعدادية ، كانت تعتبر أن مروان بن الحكم هو الخليفة الشرعي ، و ليس
خارج ، و مدعي ، و أن عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ، هو الخارج على الخلافة
الشرعية ، و لا أعرف إن كانت مستمرة على هذا الرأي ، أو ذلك الغي ، لليوم أم لا
.
بالعودة للموضوع ، نجد أن نفس
السيناريو السابق تكرر ، فبعد مساندة غير الشرعي كانت مساندة التوريث غير الشرعي ،
ثم مساندة الطاغية في غيه ، فكانت مساندة عبد الملك بن مروان ضد عبد الله بن الزبير
، و هي المساندة التي أفضت إلى ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق ، أي كانت الجريمة ،
أو ثالثة السنن السورية .
ما أكتبه الأن ليس عودة للتاريخ لمجرد
القراءة ، بل للمقارنة بالحاضر ، فالشعب السوري حكمه حاكم غير شرعي ،
هو حافظ الأسد ، ثم كان السكوت السوري الشعبي على التوريث ، فكان الشعب السوري هو
أول من سن سنة التوريث في الأنظمة الجمهورية العربية ، فأصبح السوريون بذلك أول من
أسهم في تحويل الجمهورية ، و لو كانت إسمية ، إلى وراثية ، تماما كما ساندوا ، من
قبل ، تحويل الخلافة إلى كسراوية هرقلية .
و بما إنه لا يوجد نظام غير شرعي لا
يرتكب جرائم ضد الإنسانية ، فالنظير المعاصر لموقعة الحرة ، و حصار مكة ، و ضرب
الكعبة بالمنجنيق ، هو ضرب المعارضين ، سواء في سوريا ، و أو في خارجها ، من
السوريين ، و غير السوريين ، وضرب بغداد ، و سائر أنحاء العراق ، بالإرهاب
.
أن النظرة التاريخية المقارنة تجعلني
أعتز بالتراث المصري في هذا الشأن ، فقد ساند الشعب المصري أمير المؤمنين الشرعي ،
علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، حين نازعه معاوية الخلافة ، و قاومت مصر مروان
بن الحكم ، حين تقدم ليضم مصر إلى ملكه ، و بلدة الزبيرية في محافظة الغربية ، و
بلدة الشهداء ، في محافظة المنوفية ، تشهدان على عنف المقاومة المصرية لمروان بن
الحكم ، و في القرن الحادي و العشرين الميلادي هتفنا ، و نهتف ، و سنهتف ، ضد
حاكمنا غير الشرعي الحالي ، و ضد تحويل الجمهورية - و لو كانت حاليا مجرد جمهورية
إسمية - إلى كسراوية هرقلية رسمية .
في كل الأحوال لنا أن نفخر كمصريين
بإننا لم نأخذ بالسنن السورية السياسية السيئة ، مع حبنا للشعب السوري الشقيق ، و
تقديرنا لإنجازات الشعب السوري في الميادين الحضارية الأخرى
.
إنني أهيب بالشعب المصري أن يستمر في
الأخذ بسنتيه الحميدتين ، و هما : مقاومة الحكام غير الشرعيين ، و
رفض توريث أمثال يزيد الفهود ، من الجيل الثاني للطغاة
.
13-07-2010
تسلمت في هذا الشهر ، يوليو 2010 ،
خطاب رسمي من السفارة الألمانية في بوخارست ، يفيد برفض طلبي اللجوء سياسيا إلى
ألمانيا .
أنني أحترم القرار الألماني ، و الذي
للأسف أتخذ إلتزاما من ألمانيا بالمعايير البيروقراطية ، دون النظر للواقع الفعلي
.
ملحوظة دائمة : أخلي مسئوليتي من أي
تلاعب أمني صبياني ، أو لأي غرض أخر ، يصيب المقالات المنشورة بالتشويه ، سواء
بتشويه طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و أرجو القارئ الكريم
ألا يسمح لأمثال هذه الألاعيب بأن تصرفه عن صلب المقالات
.
أحمد
محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية
، و ينطق بفتح الحاء
الاسم
النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين
الحسني
الاسم
في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم
إبراهيم
تاريخ
الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام
1969
المنفى
القسري : بوخارست -
رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار
الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم -
إستعيدوا مصر
13-07-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق