الأحد، 10 فبراير 2013

هل هي عادة أمريكية ؟

هل هي عادة أمريكية ؟

في القرن الماضي سلمت إدارة بوش الأب لبنان للنظام البعثي السوري نظير مساندة ذلك النظام القمعي لحرب تحرير الكويت ، فتم التضحية بشعب ، من أجل إنقاذ شعب ، و أصبحت الفترة التي حكم فيها البعث السوري لبنان ، أحد أسوء الحقب التي مرت على الشعب اللبناني .
و اليوم تكاد إدارة أوباما أن تكرر نفس الخطأ ، أو الجريمة ، و لكن بحق الشعب العراقي .
إدارة أوباما و في سعيها الحالي للإنسحاب من العراق ، أصبحت اليوم تبدي إمارات الخضوع لمن يعد بتحقيق الإستقرار في العراق .
و لكن للأسف فإن تلك الإدارة ، و بقصر نظرها ، إعتبرت أن القادر على الإتيان بذلك الإستقرار ، هو الطرف الذي يقوم بالعبث بذلك الإستقرار ، و لو بشكل غير مباشر ، عن طريق حلفاءه .
لقد كان واضحا في الفترة الماضية ، و منذ الإعلان عن نتيجة الإنتخابات البرلمانية العراقية ، و التي جرت هذا العام 2010 ، أن هناك ضغوط أمريكية لصالح قائمة أياد علاوي ، حليف البعث السوري ، سواء لتشكيل حكومة ، أو للدخول كطرف قوي ، و أساسي ، في أي إئتلاف حكومي .
مرة أخرى تقوم الولايات المتحدة بتسليم شعب ، للنظام البعثي السوري ، أو لنقل تبدي إستعدادها لذلك ، على إعتبار إن ذلك لم يتم بعد ، و لازال هناك من العراقيين من يقاوم تلك الرغبة الأوبامية .
مرة أخرى ، و شراء لمكاسب سريعة ، و لكنها خطيرة الأثر على المدى الطويل ، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ، ممثلة في أحد إداراتها الحاكمة ، بتسليم شعب لرحمة نظام طغياني دموي ، و لكنها على ما يبدو لن تكون المرة الأخيرة بالنظر لما يتسرب من أخبار في ركن أخر من العالم .
لقد غدا تكرار نفس الخطأ ظاهرة ، حتى أصبح يمكن السؤال بسخرية : هل هي عادة أمريكية ؟
ماذا تتوقع الولايات المتحدة ، أو بالأدق إدارة أوباما ، من تسليم كتلة علاوي الحكم في العراق ؟؟؟
إنها تتوقع تحسن أمني ، و هذا ما ترجوه ، ليسهل الإنسحاب ، و هو ما ستحصل عليه بالفعل ، لو أصبح علاوي رئيسا للوزراء ، بالنظر للصلات القوية للنظام البعثي السوري بالتنظيمات الإرهابية العاملة في العراق ، و لكن ذلك لن يكون إلا على حساب الديمقراطية العراقية الوليدة ، فالبعثين ، العراقي ، و السوري ، يلتقيان في ذلك ، بل و كل الأنظمة العربية .
و لن يكون وأد الديمقراطية العراقية الوليدة هو الثمن الوحيد ، بل أن يد البعث العراقي الجديد ستطول المكاسب الإقليمية التي حققها الأكراد في الشمال العراقي ، فالأسد لديه أقلية كردية أيضا ، سبق أن سببت له في العقد الماضي بعض المتاعب ، و يعاني كذلك من تلك الأقلية حليفه التركي ، لهذا سيكون من ضمن أولويات البعث العراقي الجديد سحق تلك المكاسب بإسم المركزية .
إن كل التضحيات التي قدمت من أجل الديمقراطية العراقية ستذهب هباء ، و إن كان ذلك الذهاب سيكون بالتدريج ، فأولاً سيكون التمكين للبعث العراقي المتخفي تحت إسم وطني عراقي ، و أعني : العراقية ، بإسم سحق الإرهاب ، و الإستقرار الأمني ، و من خلال الحرب على الإرهاب - الذي هو في الأصل حليف للبعث العراقي الجديد - سيكون الوأد التدريجي للديمقراطية العراقية ، ثم يتبع ذلك سحق المكاسب الإقليمية للأكراد ، ليعود العراق ، كما كان ، عضو أساسي في منظومة الإستبداد بالمنطقة ، و مثير ، و داعم ، لعدم الإستقرار بالمنطقة .
لهذا من الضروري عدم الإستجابة للضغوط الأوبامية التي تمارس الأن لصالح العراقية ، فالصمود أمام تلك الضغوط ، أخف في ثمنه مما سيكون لو خضع العراق لتلك الضغوط ، و سمح لحلفاء البعث السوري بالوصول للحكم ، لأن الكثير من الإدارات الأمريكية لا تنظر لأبعد من موضع قدميها .
التخطيط الأمريكي القصير المدى مرجعه هو ضعف مشاركة بيروقراطية مستقرة في رسم السياسات الخارجية الأمريكية ، لأنه بدلاً من ذلك يتم الإعتماد على أفراد قادمين من خارج المنظومة البيروقراطية الثابتة ، و هم و إن كانوا مقتدرين من الناحية الذكاء ، و المؤهلات الشخصية ، إلا إنهم في الأغلب مؤقتين ، ما أن يأتوا حتى يغادروا ، و لهذا يقعون تحت ضغط الوقت ، مما يدفعهم دائما للسعي للبحث عن مكاسب سريعة ، كثيرا ما تكون وخيمة العواقب في المدى الطويل ، و أحيانا أيضا المتوسط ، و هذا ما سيحدث في العراق لو تم تسليمه للنظام البعثي السوري .
أما السبب في ضعف البيروقراطية الأمريكية ، فأعتقد أن مرجعه هو الخوف الشعبي الأمريكي المتأصل من البيروقراطية ، و من فكرة وجود حكومة أمريكية مركزية قوية ، و كبيرة ، و هذا يلحظ في كل إنتخابات رئاسية أمريكية ، و كذلك في إنتخابات الكونجرس الأمريكي ، حين يتبارى المرشحون ، من الحزبين الكبيرين على السواء ، للتأكيد على وعد تقليص الحكومة من حيث الحجم ، و هو الوعد الذي لا ينفذ ، بل كثيرا ما تم العمل بنقيضه .
إنني لا أروج لوجود بيروقراطية واسعة النفوذ ، و لا أدافع عن الحكومات الكبيرة الحجم ، و لا أساند المركزية الشديدة ، و لكن أنتقد الضعف الشديد للبيروقراطية المفترض مشاركتها في رسم السياسة الأمريكية الخارجية ، و هو الضعف الذي يتسبب في غياب التخطيط الطويل المدى في السياسة الأمريكية الخارجية ، ذلك الغياب الذي كان سببا في كثير من الكوارث ، و لازال ، فخير الأمور أوسطها .
لهذا فإنه من الأفضل دائما لأي شعب ألا يخضع لمطالب إدارات لا تفكر لأبعد من يومها ، و تتجاهل النظر في عواقب الأمور .
على كل شعب أن يكون هو نفسه صاحب قراره ، و المخطط لحاضره ، و مستقبله .

22-07-2010


ملحوظة دائمة : أرجو تجاهل أي تشويه أمني للمقالات ، و هو التشويه الذي يشمل تغيير طريقه كتابة بعض الكلمات ، و بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن تركيز القارئ الكريم دائما على صلب المقالات .
لأجهزة الأمن الرومانية أقول : أنا لا يهمني الشأن الروماني ، سواء بداخل رومانيا ، أو خارجها .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

22-07-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق