الثلاثاء، 19 فبراير 2013

جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة

جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
 
إذا كان بقاء النظام الذي هتفنا بسقوطه يعد دليل على إن الثورة لم تحقق أهدافها بعد ، و بالتالي لم يتحقق التغيير المنشود للآن ، إلا إن هناك تغير كبير حدث - و إن كان تغير معنوي - يتمثل في تبني الشعب أخيراً مبدأ الثورة الشعبية السلمية لتحقيق أهدافه .
هذا التغير في عقلية الشعب يعد في حد ذاته مؤشر على إننا دخلنا عصر جديد ، على الأقل من الناحية المعنوية ، لأن من الناحية المادية لم يتحقق الكثير بعد كما أشرت في بداية الفقرة السابقة ، و كما سبق أن أشرت في مقالات سابقة كثيرة .
التغير المعنوي الذي حدث سيؤدي في النهاية - بشريطة إستمراريته بالطبع - إلى التغير المادي ، أو التغير الملموس سياسياً ، و إجتماعياً ، و ثقافياً ، و إقتصادياً ، و هنا هو سقوط النظام الذي أسسه مبارك كلية ، و تأسيس نظام جديد تماماً ، يكون على الشاكلة التي يتمناها الشعب .
لهذا ، و في ظل أملنا في إستمرار جذوة الثورة متقدة في النفوس ، لنا الحق في أن نرسم معالم المستقبل الذي نتمناه لمصر .
أول معالم ذلك المستقبل هو دستور جديد ، أو دستور 2012 ، و قد تعاملت مع هذه الفكرة في عدة مقالات سابقة منها مقال : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب ، و نشر في العاشر من مارس 2011 .
و بالتأكيد هناك تفاصيل أكثر لمعالم ذلك المستقبل ، مثل تشكيلة مجلس الشعب ، التي دعوت أن تكون نصفها بالقائمة على المستوى الوطني ، و نصفها بالفردي ، و الدعوة للنظام البرلماني بديلاً عن النظام الرئاسي ، و تحديد المدة الرئاسية بأربع سنوات ، و مدتين رئاسيتين فقط كحد أقصى لنفس الشخص ، و ما إلى ذلك ، و معظم تلك المقالات التي تتعامل مع ذلك الشأن نُشرت على وجه الخصوص في شهري فبراير و مارس من عام 2011 ، لأن بعد سقوط مبارك جاء وقت تقديم الأفكار التي ترسم المستقبل الذي نريده لمصرنا ، و هي أفكار يمكن أن تعد أيضاً خارطة طريق للثورة .
لا أريد هنا أن أفتح باب اللوم الذي سبق أن فتحته من قبل في مقالات سابقة مثل : لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق ، و مقال : جُمع قتل الثورة ، و غيرهما .
لا أريد أن ألوم أكثر هؤلاء الذين أضاعوا وقت ، و جهد ، ثمينين ، في النضال من أجل مطالب إما تافهة ، و إما لا علاقة للثورة بها .
ما أريده هنا هو التعامل مع المستقبل الذي نأمله لمصرنا ، برسم معلم آخر من معالم ذلك المستقبل ، و هذا المعلم هام جداً ، و هو دور جهاز المخابرات العامة ، و الذي نطلق عليه الآن : المخابرات السليمانية ، لأسباب لا تخفى على لبيب .
الدور المعروف لأجهزة الإستخبارات في الديمقراطيات الحقيقية هي إنها في الأساس أجهزة أمنية معلوماتية ، و إن مهمتها يمكن إجمالها في النقطتين التاليتين ، دون الإلتفات للترتيب :
أولاً دور أمني : مثل مكافحة التجسس ، و الإرهاب ، و ربما الجريمة المنظمة ، و ما إلى ذلك .
ثانياً جمع المعلومات : سواء لتسهيل قيام الجهاز بمهمته الأمنية ، أي للإستعمال داخلياً داخل الجهاز ، أو لتقديمها للسلطة التنفيذية ،
لإعانتها على إتخاذ القرارات ، أو لإعادة توزيعها على الأجهزة التي تعنيها تلك المعلومات ، مثل المعلومات العسكرية ، و الإقتصادية ، و العلمية .
هذا في الديمقراطيات الحقيقية ، و هو عكس ما يحدث في مصر ، فمنذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي ، على الأقل ، تضخم دور جهاز المخابرات العامة ، تحت قيادة عمر سليمان ، و تحوله إلى راسم ، و منفذ ، لسياسات داخلية ، و خارجية .
الإخوان ، و بعد سقوط مبارك ، و في معرض دفاعهم عن تحاورهم ، أو تفاوضهم ، مع عمر سليمان ، أثناء الثورة ، إعترفوا بإنه كانت لهم إتصالات بجهاز المخابرات العامة قبل الثورة .
كذلك نعلم جيمعاً دور عمر سليمان في الملف الفلسطيني ، و دوره في حصار قطاع غزة .
كذلك أمسك عمر سليمان ، و جهاز إستخباراته ، بملفات خارجية هامة ، مثل ملف السودان ، و الأهم فهو إمساكه بملف مياه النيل .
أما الإثبات الأكبر لتضخم دور ذلك الجهاز فهو إختيار مبارك - وقت إشتداد الثورة في فصلها الأول - لعمر سليمان كنائب له .
فماذا كانت نتيجة تضخم دور جهاز المخابرات في عهد عمر سليمان ؟
على مستوى الداخل يمكن القول بإن الإتصالات السابقة بين الإخوان ، و جهاز الإستخبارات السليمانية ، نجحت في الإبقاء على النظام - على الأقل حتى الآن - و يمكن في هذا الشأن مراجعة مقال : الإخوان لا يريدون إسقاط النظام ، و الذي نشر في الثامن و العشرين من فبراير 2011 ، و مقال : عمر سليمان إختصر مصر في إخوان و أقباط ، و الذي نشر في الرابع من مارس 2011 .
و على مستوى الخارج فالنتائج معروفة ، منها حصار لا إنساني لقطاع غزة ، منع الغذاء ، و الدواء ، و التنقل ، و لكن لم يمنع السلاح عن الفصائل التي تدين بالولاء لجهاز الإستخبارات السليمانية ، لجر قطاع غزة لمزيد من الدمار .
فشل كبير في السودان ، و فشل أكبر ، و أشد خطراً ، و أكبر أثراً ، و أكثر ديمومة ، في ملف ماء النيل .
إلتفاف حول الثورة - و إن كان لحين - بسبب التحالف بين المخابرات السليمانية ، و الإخوان الإنتهازيين ، و جريمة في غزة ، و فشل في السودان ، و كارثة مائية ، ملخص لإنجازات ذلك الجهاز .
كان يمكن أن إعتبر إن هذا الدور الفاشل جزء من التاريخ المظلم لعصر مبارك ، و لكن عندما قرأت أن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية كانت نتيجة وساطة وكيل جهاز الإستخبارات ، لا وزارة الخارجية ، تأكدت بأن جهاز المخابرات السليمانية لازال يتعدى على أدوار غيره ، من أجهزة الدولة ، أي إثبات دامغ لإستمرار جهاز المخابرات السليمانية في القيام بأدوار ليست له .
قضية التدخل الإسرائيلي ، تركناها للقضاء المدني النزيه ، و إن ثبت لذلك القضاء أن إسرائيل حاولت الوقيعة بين الشعب و الجيش ، و إن لها ضلع في محاولة إشعال فتنة طائفية بين المسلمين بعضهم البعض ، و بين المسلمين و المسيحيين ، فسيكون للشعب موقف صارم معها ، و سنشكر جهاز المخابرات على قيامه بدوره الأمني خير قيام ، و لكن لن يمنعنا ذلك النجاح الأمني - إن ثبت - في الإستمرار في تبني سياسة إعادة تحديد إختصاصات جهاز المخابرات العامة ، و كذلك تبني سياسة إخضاع ذلك الجهاز لسلطة البرلمان ، من خلال تبني حق مجلس الشعب في مسائلة ذلك الجهاز ، كما في الكثير من الديمقراطيات الحقيقية .
إننا نرسم معالم المستقبل ، إننا نضع مخططات بناء دولة ديمقراطية عصرية ، أي مخططات طويلة الأمد ، لهذا لا تتأثر تلك المخططات ، أو تهتز ، بسبب أحداث وقتية .
مخططاتنا لمستقبل مصر راسخة ، لا تتبدل ، لإنها تقوم على مبادئ صحيحة .
ملحوظة تعد جزء من المقال : أقول لنظام تريان باسيسكو إنني لست مهتم بالبرنامج النووي الروماني ، و لا تهمني مشاركة رومانيا في مشروع الدرع الصاروخي . 
 
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
 
18-06-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق