الاثنين، 11 فبراير 2013

تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة

تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة

الشرط الأول لشرعية الإقتراع بشأن مستقبل جنوب السودان تحقق ، حيث أدلى ستون في المائة من المسجلين في قوائم الإقتراع بأصواتهم بالفعل ، و ذلك في الإستفتاء الذي سيقرر مستقبل جنوب السودان .
النتيجة واضحة فالسودان سينقسم إلى دولتين قريباً - لو سارت الأحداث في مجراها المنطقي ، و في سلام - و لا يعد توقع ذلك إستباق للأحداث ، أو رجما بالغيب ، لأن الجنوبيين لو كانوا غير راغبين في الإنفصال لما ذهبوا للإقتراع في الأصل ، و لكان في المقاطعة الكفاية لإبطال الإقتراع ، و بقاء السودان موحد .
بالتأكيد أتمنى أن يظل السودان دولة واحدة ، عادلة في المستقبل ، فكيف لي أن أتمنى العكس ، بينما أتمنى لو كانت مصر و السودان دولة واحدة ؟؟؟
عادلة ، و هي كلمة وضعتها في الجملة السابقة على هذه الجملة ، تدل على تفهمي لدوافع الجنوبيين للإنفصال .
لقد فشل الشمال السوداني ، أو بقول أدق : معظم أنظمة الحكم في السودان ، منذ إستقلال السودان ، و إلى اليوم ، و هي الشمالية في هويتها السودانية المحلية ، في إقامة دولة عادلة يتساوى فيها جميع مواطنيها في الحقوق ، و الوجبات ، على أرض الواقع ، و هذا هو المهم : أن يتساوى الجميع في حقوقهم ، و واجباتهم ، على أرض الواقع ، و ليس فقط في النصوص الدستورية ، و القانونية ، و في المقالات ، و الخطب .
و لكن قبل أن أفرط في لوم الشماليين السودانيين لتسبب بعض المنتمين إليهم في تقسيم السودان ، أرى أن نتذكر نحن المصريين أخطائنا في السودان في القرن التاسع عشر ، أو لأقل أيضا : أخطاء السلطة المصرية في السودان على عهد الخديوية .
التاريخ الفعلي لإنفصال السودان عن مصر - و كما أرى - ليس هو التاريخ الرسمي لإستقلال السودان .
التاريخ الفعلي ، الذي قرر فيه السودانيون الإستقلال عن مصر ، هو يوم دخلت قوات السيد / محمد أحمد ، المعروف بالمهدي ، الخرطوم .
لم يكن الإعلان الرسمي عن إستقلال السودان في خمسينيات القرن العشرين ، إلا تأكيد لرغبة أعلنت عمليا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، و الأسباب الحقيقية التي دفعت شعب السودان للثورة المسلحة على الحكم المصري ، تحت قيادة السيد / محمد أحمد ، تكاد تكون هي نفس الأسباب الحقيقية التي دفعت الجنوب السوداني للتمرد في ثمانينيات القرن العشرين ، أي بعد مائة عام تقريبا من إندلاع الثورة السودانية المهدية .
مثل نظرة نظام البشير للجنوب السوداني ، لم ينظر نظام الحكم المصري للسودان في العهد الخديوي ، و قبل إندلاع الثورة المهدية ، إلا على إنه بقعة جغرافية ليس لنظام الحكم إلا إستغلالها إقتصاديا ، دون الإهتمام بقاطني تلك البقعة .
و كانت الإدارة الرسمية المصرية للسودان في ذلك العهد في أسوء أشكالها ، فقد كان السودان منفى للموظفين المصريين المغضوب عليهم ، و كان من النادر أن يذهب موظف رسمي مصري للعمل في السودان برغبة نابعة من داخله .
إستشراء الفساد كان النتيجة الطبيعية لسوء الإدارة ، و كما في أي فساد إداري في العالم ، كانت الطبقات السودانية البسيطة هي أكثر من إكتوت بنار ذلك الفساد ، و لذلك كانت أشدها تأييدا للثورة المهدية ، و إنخراطا في صفوفها .
التمييز العنصري السلبي بحق السودانيين ، كان أيضا أحد معالم الحكم المصري في ذلك العهد ، فلم تهتم الإدارة المصرية في عهد الخديوية برفع المستوى العلمي للسودانيين ، فبينما كان الخديو إسماعيل ينفق بإسراف ، لا تتحمله مالية مصر ، لتحويل مصر لقطعة من أوروبا - و لو في المظهر - لم يهتم بترقية حال الشعب السوداني في عمومه .
النتيجة لذلك التهميش ، و الإهمال ، المتعمدين ، كانت غياب طبقة سودانية متعلمة تعليم حديث تضارع المصرية ، فكان أن غلبت العناصر المصرية ، و الأتراك الممصرين ، و الأوروبية ، على الجهاز الإداري في السودان في العهد الخديوي ، و شعر السودانيون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية في بلادهم .
لا يمكن أيضا نسيان جريمة تجارة الرقيق ، و التي دفع ثمنها السودانيين الجنوبيين ، و هي الجريمة التي توقفت فقط نتيجة ضغوط أوروبية ، و بخاصة من جانب بريطانيا ، و لم تتوقف للأسف برغبة مصرية .
هذه بعض أخطائنا في السودان ، و بوضع عامل الزمن في الإعتبار عند المقارنة ، فإن بالإمكان القول : أن أخطاء الشمال السوداني بحق الجنوب السوداني ، تشابه نفس أخطاء مصر زمن الخديوية بحق السودان بأكمله ، و النتيجة واحدة : تمرد مسلح ، يتلوه إستقلال .
أتمنى أن يتعلم الشمال السوداني من أخطائنا ، و أخطائه ، فينتبه حاليا إلى أن السبب الرئيسي لتمرد سكان دارفور هو التهميش .
العدل أساس الملك ، و عندما يغيب الأساس ينهار الملك حتما ، كما ذكرت في مقال سابق .

13-01-2011


ملحوظة : حول التمييز يمكن الإطلاع على مقال : في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟ و يوجد أيضا كتسجيل صوتي في قناة حزب كل مصر في يوتيوب : allegyptparty .



أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

13-01-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق