الاثنين، 11 فبراير 2013

العراق بين الذئاب

العراق بين الذئاب

لم أستطع الوصول لموقع ويكيليكس منذ نشر الوثائق المسربة من الخارجية الأمريكية إلا بضع مرات قلائل ، لا تزيد في عددها عن عدد أصابع اليد الواحدة ، و حتى في تلك المرات القلائل كان الوصول يتوقف عند الصفحة الأولى في أغلب المحاولات ، لهذا لم أطلع إلا على وثيقة واحدة ، أو وثيقتين ، و لا شأن لهما بموضوع هذا المقال ، و بإستثناء تلك المحاولات الناجحة النادرة التي وصلت فيها للموقع ، كانت بقية المحاولات فاشلة ، و هي المحاولات التي تمت في أيام عدة ، و في أوقات مختلفة من اليوم .
لهذا فإن إعتمادي في هذا المقال يقوم أساسا على ما وصلت إليه من خلال البحث في وسائل الإعلام المختلفة ، مثل بعض الصحف البريطانية ، و الأمريكية ، و الإقليمية ، و بعض مواقع الأخبار العالمية ، و الإقليمية .
من تلك الجزازات أستطيع القول أن ما نشره موقع ويكيليكس بشأن منطقتنا لم يكن سوى توكيد لما في عقل أي متابع للأحداث في العالم العربي ، فلم يظهر جديد يمثل مفاجأة حقيقية .
ربما كانت بعض التفاصيل هي الجديدة ، و هي تفاصيل لها أهميتها ، و من الخطر تجاهلها ، و لكنها تفاصيل تندرج تحت العناوين الرئيسية التي يعرفها أي متابع لمجريات السياسة في الشرق الأوسط .
مثال على ذلك ما ذكر عن عداء حسني مبارك للديمقراطية العراقية ، و تمنيه زوالها ، ليس بجديد ، و أعتقد أن كل القراء الكرام يعرفون ذلك ، لأن الشواهد كلها كانت تشير إلى ذلك ، و المنطق السليم كان يؤكد تلك الشواهد ، و يقود بقوة لذلك الإستنتاج .
حتى الطريقة التي كانت ستتعامل بها الأنظمة العربية الإستبدادية المنعوتة بالمعتدلة مع الديمقراطية العراقية ، كان من السهل إستنتاجها لأي متابع عارف بطبيعة الأنظمة العربية الإستبدادية المعتدلة ، و قد سبق أن أشرت مراراً لعداء نظام آل مبارك الخبيث للديمقراطية العراقية ، و كذلك لخطر وقوع إنقلاب عسكري يقوض تلك الديمقراطية .
الجديد الذي قدمته ويكيليكس هو بعض التفاصيل التي تدلنا على الكيفية التي سيتم بها تدبير الإنقلاب .
بالتأكيد لا يمكن أن يقوم إنقلاب يقود لحكم مركزي قوي ، يقضي على الديمقراطية ، و في ذات الوقت يمنع قيام حرب أهلية ، و يمنع تفتت العراق لكيانات أصغر ، بدون وجود جيش قوي ، ذا حجم معقول ، و مهمة بناء ذلك الجيش ينظر لها طغاة العرب المعتدلين على إنها مهمة يجب أن تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ، لأنها الموجودة هناك ، و بالتالي هي الأقدر على القيام بذلك ، و بالفعل تشير الوثائق المسربة لطلب حسني من الولايات المتحدة القيام بتلك المهمة ، مع عدم إخفائه لتطلعه لإنقلاب عسكري عراقي يقوم به ذلك الجيش الذي طلب من الولايات المتحدة الأمريكية بنائه .
أما مهمة نظام آل مبارك الخبيث في ذلك الإنقلاب ، فتتمثل في تجنيد الضباط الذين سيقومون بذلك الإنقلاب ، و هذا يتضح في عرضه على النظام العراقي الديمقراطي إستضافة ، و تدريب ، القوات العراقية .
إستضافة ، هي للتجنيد ، أما التدريب ، فسيكون في شكل تدريب تكتيكي على كيفية القيام بالإنقلاب ، و تدريب إيديولوجي ، و سياسي ، لإستنساخ صدام أخر ، غير غوغائي ، و لكن لا يقل دموية .
الطريف هو قول حسني الخبيث للأمريكيين : أن الإنقلاب سيأتي بديكتاتور عادل !!!
هل مثله ، أم مثل عبد الناصر ، أم مثل صدام ، أم مثل البشير ؟؟؟
عند ذلك تتوقف مقتطفات الوثائق التي إطلعت عليها من خلال وسائل الإعلام المذكورة أعلاه ، و المتعلقة بهذا الشأن ، و لكن يمكن إستكمال السيناريو من التجارب التاريخية العربية مع الديمقراطية ، و بخاصة من تجربة السودان الديمقراطية في ثمانينيات القرن العشرين ، و هي التجربة الديمقراطية التي وأدتها الأنظمة العربية بإنقلاب عسكري ، و كذلك من قراءة الواقع العراقي الجاري .
بعد الإنقلاب العراقي سيأتي دور التبرير ، ثم دور التأييد الرسمي ، و الدعم ، من قبل الأنظمة الإستبدادية العربية المعتدلة ، و كما ذكرت في مقال سابق : بعد الإنقلاب ستتوقف التفجيرات ، الإنتحارية ، و غير الإنتحارية ، التي تستهدف إضعاف الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا ، لأن مهمة وأد الديمقراطية العراقية ستكون تمت بنجاح ، و من الضروري توفير الإستقرار ، و إظهار الفارق بين فوضى الديمقراطية ، و النظام ، و الهدوء ، في ظل الديكتاتورية .
إذا حسناً فعلت الحكومة العراقية حين لم تستجب لعرض مبارك الخبيث ، و حسناً فعل المالكي حين رفض الإتصال هاتفيا بحسني .
و لكن ليسمح لي المواطن العراقي الديمقراطي ، و حكومته المنتخبة ديمقراطياً ، أن أتقدم بنصيحة أجدها ضرورية بعد إطلاعي على تلك المقتطفات من الوثائق المسربة .
لقد ذكرت الوثائق أن عمر سليمان رئيس إستخبارات نظام آل مبارك الخبيث أكد أن لجهازه عملاء في إيران ، قادرين على القيام بعمليات تخريبية داخل الأراضي الإيرانية ، فلماذا لا يكون أيضا لنفس الجهاز عملائه في العراق ، و لنفس الغرض : التخريب ؟؟؟
التفكير العقلاني يقول لنا : أن تجنيد عملاء عراقيين من قبل جهاز إستخبارات آل مبارك أسهل بكثير من تجنيد إيرانيين على يد نفس الجهاز ، و ذلك لوجود جالية عراقية كبيرة في مصر ، و في بلاد عربية أخرى على علاقة وثيقة بنظام آل مبارك الخبيث ، و لوجود ساخطين على النظام الديمقراطي الحالي بين هؤلاء النازحين سيكون بينهم من هم لقمة سائغة سهلة لجهاز إستخبارات آل مبارك الخبيث ، لهذا على النظام الديمقراطي العراقي أن يتوخى أشد الحذر بهذا الشأن ، و ألا يحجم عن الكشف علنا عن علاقة تلك الشبكات التخريبية - بعد وقوعها في يد السلطة - بالأنظمة العربية الإستبدادية .
لكن نجاح الحكومة العراقية الديمقراطية في إحباط مخططات أعداء الديمقراطية العراقية لن يتحقق بدون دعم معظم الشعب العراقي ، لهذا أهيب بالشعب العراقي أن يصمد ، و ألا يلين ، و ليعلم أن قلوب الديمقراطيين العرب معه ، و أن هناك بين أفراد الشعوب العربية المقهورة على يد حكامها من يراقبون في صمت الديمقراطية العراقية ، و يدعون لها بالتوفيق ، لأنهم لا يملكون حتى الآن سوى الدعاء .

 
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

02-12-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق