الاثنين، 11 فبراير 2013

الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير

الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير

الثورة التونسية التي أسقطت بن علي - و إن لم تسقط النظام الذي أسسه بن علي بعد - فتحت باب السؤال : من التالي في الأنظمة العربية ؟ و ذلك منذ الساعات الأولى التي تلت فرار بن علي .
هناك فريق - أكن لقسم من أفراده الإحترام ، و إن إختلفت معهم ، بينما لا أستطيع أن أبدي أي إحترام لبقيته - يرى صعوبة تكرار ذلك في مصر ، و كان أحد العوامل الرئيسية التي إستند عليها ذلك الفريق ، الإختلاف بين مصر ، و تونس ، من ناحية الأهمية الإستراتيجية .
الحديث عن الأهمية الإستراتيجة أراه ليس إلا حديث مقنع عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في السياسة الداخلية المصرية ، نظراً لأهمية مصر .
في هذا المقال أريد أن أفند ذلك الرأي ، لإختلافي معه ، و ذلك في نقاط :
أولاً : لا يجب الإقلال من أهمية تونس الإستراتيجية بالنسبة للغرب ، فهي و إن كانت دولة صغيرة المساحة ، و قليلة في عدد السكان ، بالمقارنة بمصر ، إلا إن موقعها الجغرافي إستراتيجي هو الأخر ، و يهم الغرب ، فهي تكاد تلاصق جنوب إيطاليا ، و بالإمكان القول بإنها تقسم ، هي ، و جزيرة صقلية الإيطالية ، و شبه الجزيرة الإيطالية ، البحر المتوسط إلى قسمين شرقي ، و غربي .
كذلك فمن الضروري عدم الإقلال من الدور الذي يمكن أن تلعبة تونس فكريا ، و سياسيا ، في العالم العربي ، بعد التغيير - إن شاءت ذلك - سواء إنحازت إلى المعسكر الغوغائي ، أو تحولت فعليا إلى المعسكر الديمقراطي .
سوريا على سبيل المثال ، برغم صغرها في المساحة ، و السكان ، لعبت دور فكري سياسي في المشرق العربي ، في النصف الأول من القرن العشرين ، يتفوق على دور بلدان عربية أكبر منها في المساحة ، و السكان ، سواء إتفقنا ، أو إختلفنا ، مع ذلك الفكر السياسي .
ثانياً : التشديد المستمر على الأهمية الإستراتيجية لمصر ، و الذي ليس إلا إشارة مبطنة إلى ضرورة الضوء الأخضر الأمريكي ، كما ذكرت عالية ، يذكرني بأحد أقطاب حركة التغيير في مصر - تلك الحركة المخترقة أمنيا - و الذي دأب لسنوات على إنتحال أفكار كاتب هذه السطور ، و نسبتها إلى نفسه - ربما بتوجيه أمني - و الذي طبل ، و زمر ، منذ سنوات إلى أهمية الضوء الأخضر الأمريكي في التغيير ، بينما كانت حركة التغيير في أشدها .
لهؤلاء العاملين من أجل التغيير ، حقا ، و صدقاً ، و الذين خدعهم أصحاب شرط الضوء الأخضر الأمريكي من العملاء الأمنيين ، أقول : هذا شرط فارغ ، لا يريد به هؤلاء العملاء سوى التثبيط ، لأن التاريخ يثبت زيف ذلك الشرط ، و خوائه ، فكم من مرة حدث تغيير في دول دائرة في النفوذ الأمريكي ، و بدون ضوء أخضر أمريكي ، بل و ضد الإرادة الأمريكية ، و برغم الأهمية الإستراتيجية لتلك البلدان بالنسبة للمعسكر الغربي ، و على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية .
إيران مثال ممتاز لذلك ، لأنها دولة ذات أغلبية إسلامية ، و تماثل مصر في الإهمية الإستراتيجية بالنسبة للغرب ، و أهميتها الإستراتيجية للغرب معروفة منذ القرن التاسع عشر ، و يكفي أنها تشكل أحد ضفتي الخليج ، و مضيق هرمز ، و كان لها حدود مشتركة مع الإتحاد السوفيتي في 1979 ، و برغم ذلك حدث التغيير ، و أتى نظام سياسي يعادي سياسات الولايات المتحدة الأمريكية .
الإشارة للثورة الإيرانية تدفعني للتأكيد على ما سبق أن ذكرته مراراً من قبل : أنني لا أتفق مع المحصلة النهائية التي أفضت إليها الثورة الإيرانية ، حيث إستأثر فريق واحد بالسلطة ، من بين كل الفرق التي شاركت في صنع الثورة ، بما قضى على التعددية السياسية ، و الثقافية ، اللتان تعدان من أهم أسس الديمقراطية .
ثالثا : مثلما هناك فريق يروج للشرط الأمريكي بهدف التثبيط ، فإن هناك فريق أخر يكثر الحديث هذه الأيام عن الأهمية الإستراتيجية لمصر ، أو الضوء الأخضر الأمريكي ، من منطلق أخر ، سأوضحه ، و هذا الفريق لا أتهمه بالعمالة للأمن ، فقط أختلف مع توجهاته السياسية ، و الفكرية ، و لهذا أكن له الإحترام ، برغم الإختلاف .
ذلك الفريق لا أرى في تكراره لشرط الضوء الأخضر الأمريكي ، سوى أن أعضائه يفترضون أن التحول إلى الديمقراطية في مصر سيعني تلقائيا المواجهة مع الغرب ، و لهذا تقف الولايات المتحدة الأمريكية كحجر عثرة في طريق التغيير ، أو التغيير يجب أن يكون بإذن منها .
من جانبنا نسأل : لماذا المواجهة ؟؟؟
إذا كان في نيتهم الدخول في مواجهات عنترية بعد التغيير ، أو يفترضون أن مصر يجب أن تنضم لمعسكر الغوغاء في المستقبل ، فهم مخطئون في تعميمهم .
إن كانوا يعتقدون أن التغيير ليس إلا خطوة في طريق جر مصر إلى الغوغائية ، و التهييج ، اللذان سبق أن جربتهما مصر في عهد جمال عبد الناصر المشئوم ، فهم على خطأ ، لأننا لا نشاركهم نفس تلك التطلعات غير المحسوبة ، بل و الخطرة ، و التي لا داعي لها كذلك .
نعم نحن نرى أن هناك بعض الأمور يجب تصويبها في علاقاتنا مع الولايات المتحدة ، و لكن لا نرى ضرورة في المواجهة ، أو في إثارة المنطقة .
نحن في حزب كل مصر ، و إلتزاما بالوثيقة الأساسية للحزب ، و التي خرجت للعلن في أكتوبر 2007 ، نؤكد على إننا نرغب في أن تحيا مصر في سلام ، لتبني نفسها ، و تهتم بأبنائها ، و أريد في هذا الموقف أن أقتبس فقرة قصيرة من الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر :
كذلك يشدد حزب كل مصر على أهمية بناء مصر حديثة قادرة على الوقوف على قدميها ، دون الحاجة لدعم خارجي ، و تحيا في سلام ، و على قدم المساواة ، مع كافة جيرانها و كل دول العالم ، مثلما ندعم التعاون الإقليمي ، العربي و الأفريقي و البحر متوسطي ، و كذلك الدولي ، شريطة أن يكون ذلك التعاون في صالح مصر في المقام الأول .
إنتهى الإقتباس .
أعتقد أن الإقتباس السابق ، و الذي يوضح سياسات حزب كل مصر الخارجية عندما يصل للسلطة ، يغني عن أي إفاضة ، فقط يمكن أن أضيف مثال عملي يؤكد تلك السياسات .
ربما يتذكر بعض القراء المتابعون لكتابات كاتب هذه السطور ، مقال له بعنوان : حلايب قضية حلها التحكيم ، و الذي نشر في الثاني عشر من يناير من عام 2010 ، و المنشور كتسجيل صوتي بصوت كاتب المقال ، في قناة حزب كل مصر في يوتيوب :
allegyptparty
ذلك المقال - الذي أثار غضب أحد الجهات الأمنية التابعة لآل مبارك ، و التي حاولت إخضاعي لتحقيق من خلال الإنترنت ، كما سبق أن أشرت لذلك في مقال أخر بعنوان : السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب ، و الذي نشر في الثالث من مايو من عام 2010 - دليل عملي على رغبة حزب كل مصر في نشر السلام في المنطقة ، و خفض التوتر مع جيران مصر بقدر المستطاع ، لتتفرغ مصر لأبنائها ، الذين عانوا إهمال السلطات الحاكمة المتعاقبة .
أهدافنا ، و تطلعاتنا ، و بالتالي سياساتنا ، تختلف عن الأخرين ، لهذا لا نشارك الأخرين أرائهم ، فنحن نرى إن التغيير ممكن ، بدون إنتظار أي إذن من أي طرف خارجي ، أيا كان ذلك الطرف ، كما نرى أن التغيير لا يعني الدخول في مواجهات ، لأننا نرغب لمصر أن تحيا في سلام ، وعلى قدم المساواة ، مع الأخرين ، و أن تتعاون مع الأخرين بشرط أن يكون ذلك التعاون في مصلحة مصر في المقام الأول ، لأننا نريد أن نبني مصر ، الوطن ، و المواطن .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

21-01-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق