الأحد، 10 فبراير 2013

علم السلالات البشرية ، هذه المرة سينفع البشرية

علم السلالات البشرية ، هذه المرة سينفع البشرية
ربما ما تسبب فيه علم السلالات البشرية من أذى للبشرية في الماضي يفوق ما تسبب فيه أي علم أخر ، بما في ذلك علم الفزياء النووية ، لأنه الأقدم في التأثير ، و الأكبر في عدد ضحاياه ، و الذين لازالوا يتساقطون لليوم .
بسببه ظهرت العنصرية ، أو بررت ، و التي لازالت تمارس بدرجة أو أخرى ، و بشكل أو أخر ، إلى اليوم ، و منذ قديم الزمان ، و التي أحيانا ما دفعت البشرية إلى الحرب ، كما في الحرب العالمية الثانية .
علم السلالات البشرية كان وبال على البشرية عندما كان يعتمد على المظاهر الخارجية ، مثل لون البشرة ، و مقاييس الأنف ، و مقاييس الجمجمة ، و مواصفات الشعر ، و ما إلى ذلك .
لكن الأن ، و بعد ثورة الوراثة الجينية ، التي تعتمد على دراسة التركيب الجيني للفرد ، أعتقد إنه سينفع البشرية ، ليس فقط في ميدان الطب ، و إنما أيضا في ميداني الإجتماع ، و السياسية ، لأنه سيحطم مفاهيم قديمة خاطئة ، و يزرع أخرى جديدة أفضل .
بالتأكيد أن حجم الدور الذي سيلعبة سيختلف من مجتمع إلى أخر ، فمثلا في دول الإتحاد الأوروبي لن يكون له تأثير كبير يذكر ، لأن تلك الدول قد تجاوزت فيما بينها الصراعات بين الثقافات ، و الأعراق ، و ذابت فيها الفواصل بين الطبقات ، فأصبح الحراك الإجتماعي حر بدرجة كبيرة ، و هناك حرب رسمية على التمييز ضد الأقليات .
لكن في منطقتنا ، حيث لازالت هناك صراعات أساسها ثقافي - عرقي ، مثل الصراع الكردي - التركي ، و مثل التوتر بين المسلمين ، و المسيحيين ، في بعض البلدان ، و الصراع بين القومية العربية ، و القوميات المحلية ، و ما إلى ذلك ، فأعتقد أن علم السلالات البشرية الجيني ، أي المعتمد على دراسة التركيب الجيني ، سيغير الكثير من المفاهيم تدريجيا ، عندما يتغلغل ما توصل إليه إلى عقل الفرد غير المتخصص ، و بخاصة عندما يصبح أقرب للمواطن العادي ، فيصبح بإمكان الفرد تحليل تركيبه الجيني بتكلفة بسيطة .
لو أخذت مثال الصراع الكردي - التركي ، الذي يرتكز على مفهوم سلالاتان بشريتان مختلفتان ، لهما لغتان مختلفتان ، سنجد أن علم الوراثة الجينية يثبت أن سكان الأناضول الأتراك ، هم في أغلبهم أبناء منطقتهم ، و ليسوا أتراك وافدين ، و إنما إكتسبوا اللغة التركية ، و أنهم يشتركون و الأكراد في الكثير من الميراث الجيني ، خاصة الأكراد الأقرب إليهم جغرافيا .
عندما يتغلغل هذا المفهوم الحديث ، المبني على أسس علمية غير قابلة للدحض ، فإن حدة النزاع الكردي - التركي ستقل ، إن لم يخمد النزاع في المستقبل ، لأن الأتراك لن يتمسكوا بفرض لغة إكتسبوها ، و الأكراد سيعلمون إن الأتراك ليسوا إلا جيران أقدمين لهم ، يشتركون معهم إلى حد كبير في الأصل العرقي .
في مصر هناك توترات تطفو على السطح بين حين و أخر بين المسلمين ، و المسيحيين ، و هناك النزاع الثقافي المعروف منذ النصف الأول للقرن العشرين ، بين العروبيين ، و الفرعونيين .
ما يخبرنا به علم الوراثة الجينية عن العروبة في مصر يعد بالفعل مفاجأة ، فبحسب دراسة نجد أن تسعة عشر بالمائة فقط من العينة تحمل نفس الهابلوجروب الذكري الذي يرتبط بالقبائل العربية ، و في دراسة أخرى أجريت على عينة من منطقة المنصورة بشمال مصر ، كان تسعة بالمائة فقط من أفراد العينة يحملون نفس الهابلوجروب المشار إليه ، بينما في عينة من منطقة الأقصر ، كان حوالي واحد و عشرين بالمائة يحملون نفس الهابلوجروب ، و هو ما يعني إنه لم يصل أبدا إلى خمسين بالمائة ، حتى بإفتراض أن كل حملة الهابلوجروب المعني ، و هو : جي وان ، عرب ، و هو أمر غير صحيح ، لأن هناك شعوب أخرى غير عربية تحمله بدرجات مختلفة ، مثل : اليهود ، و الإثيوبيين ، و بعض العرقيات في القوقاز ، و الإيرانيين ، و الأتراك ، و اليونانيين … إلخ .
و في دراسة أجريت على عينة من الأقباط المقيمين بالسودان ، كانت النسبة تصل إلى تسعة و ثلاثين بالمائة ، على إنني أعتقد إنه لا يمكن تعميم هذه النسبة العالية على مجموع المسيحيين المصريين ، لأنها أجريت على عينة معزولة تقيم ببلد أخر منذ أجيال ، و لكن لا يمكن أيضا تجاهلها ، لأنها تثبت وجود نسبة لا بأس بها من المسيحيين المصريين تشترك و العرب في نفس الأصل .
النسبة المنخفضة للهابلوجروب جي وان ، الذي ينتشر بين العرب ، لا تعني إنتصار للفرعونيين ، لأن نفس الدراسات التي أجريت في مصر ، أثبتت أنه لا يوجد هابلوجروب ذكري واحد - حتى لو كان نشأ في مصر - وصلت نسبته إلى خمسين بالمائة .
ما يقوله لنا علم الوراثة الجينية ، و ما تقوله له عيوننا ، إننا شعب متعدد الأصول ، من غرب أفريقيا هناك مصريين الأن ، و من أقاصي جنوب السودان ، و من هضاب إثيوبيا ، هناك مصريين أيضا ، و من أعالي جبال القوقاز ، و من سهوب أواسط أسيا ، و من أوروبا ، هناك مصريين اليوم ، و لكننا متجانسين ، بفعل الإختلاط المستمر ، و هذا التجانس هو ما تلمحه عيوننا ، و تنطق به أفواهنا ، عندما نقول : هذا ملامحه مصرية .
لا يتسع الحيز للإسهاب في إيراد أمثلة أكثر ، و لكن أوجز فأقول : هناك تغير سيحدث لا شك بين النوبيين ، بعد الدراسة التي أثبتت أن واحد و أربعين بالمائة منهم يحملون نفس الهابلوجروب الذكري الذي يحمله العرب ، بما يفوق نسبة تواجد نفس الهابلوجروب بين الجعليين ، و المتباهين بعروبتهم على الدناقلة النوبيين .
أيضا بشأن الجدل الدائر حول تسمية الخليج الفارسي أو العربي ، علم الوراثة الجينية يثبت أن هناك تبادل سكاني حدث بين الضفتين ، فإذا كانت هناك قبائل عربية تقيم على الضفة الشرقية ، أو الإيرانية ، فإن التأثير الجيني القادم من بلاد فارس واضح في الضفة الغربية للخليج ، و هو ما يؤكد صحة ما ذكرته المصادر التاريخية المختلفة عن هجرات فارسية قديمة هاجرت إلى الساحل الشرقي للجزيرة العربية منذ أيام الإحتلال الإغريقي لبلاد فارس ، و إستمرت هذه الجداول في الإنسياب إلى العصر الحديث .
من السهل الأن القول بإن علم السلالات البشرية ، المعتمد على الوراثة الجينية ، سيقضي على الكثير من المفاهيم الخاطئة الراسخة الأن ، و بالتالي سيغير الكثير من المظاهر الثقافية - الإجتماعية ، و السياسية ، في منطقتنا ، للأفضل ، و ذلك بعد أن يتغلغل ما توصل إليه إلى عقول الشعوب .
مهمتنا الأن أن ننزل هذه النتائج ، من الأوراق البحثية ، إلى عموم المواطنين ، بلغة مفهومة للمجموع ، لو أردنا وجه أخر لمجتمعنا ، تضمحل فيه مظاهر العنصرية .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

06-04-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق