الأحد، 10 فبراير 2013

المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي

المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي

ذكرني موقف نظام آل مبارك في حادثة الأسكندرية ، و التي أدت إلى إستشهاد شاب ، رفض الإذلال فكان عقابه القتل ، و محاولات السلطة تشويه سمعة الشهيد ، و إصرارها على حماية المجرمين ، بإسماعيل صدقي باشا ، الذي حاول تحطيم الديمقراطية المصرية الوليدة ، بتحطيم كرامة الشعب المصري ، لأن الشعب الذي بلا كرامة ، بالتأكيد بلا ديمقراطية .
إسماعيل صدقي لكي يتم عمله كان بحاجة إلى أداة يستعملها في مهمته القذرة تلك ، و كانت الأداة بعض معدومي الضمير من أفراد جهاز الشرطة ، صور لهم إسماعيل صدقي إنهم فوق القانون ، و أن الحكومات تأتي ، و تذهب ، و لكنهم باقون ، و أنهم هم الحكومة الحقيقية ، لا تلك المنتخبة .
من عهد جبروت إسماعيل صدقي ، أتذكر حادثة مأمور البداري ، لأنها إشتهرت ، و أشتهرت لأنها خير تمثيل لقضية برمتها ، قضية محاولة إهانة الشعب المصري ، و وضع رأسه تحت الحذاء .
في تلك الحادثة نجد ضابط شرطة من أحد محافظات الوجه البحري ، يكلف بالعمل كمأمور لمركز البداري في محافظة أسيوط ، بصعيد مصر ، مع تعليمات بضرورة إرهاب الأهالي ، و إظهار العصا الغليظة للسلطة .
تفانى المأمور أشد التفاني في مهمته الإرهابية الرسمية تلك ، ففرض ما يمكن تسميته بأحكام عرفية على المركز ، كقانون الطوارئ الذي تعيش تحته مصر بأجمعها منذ 1981 .
تحمل أهالي البداري الجبروت ، تجنبا للصدام مع السلطة ، كما يفعل معظم الشعب المصري منذ 1981 ، فلم يجد المأمور الفرصة لإظهار جبروت وزارة الداخلية ، و هي المهمة الأساسية التي كلف بها ، فكان أن تصيد شابين ، في مقتبل الشباب ، لم يرتكبا أية مخالفة قانونية ، و أخضعهما لأبشع أنواع الإذلال ، مثل إرغامهما على التسمي بأسماء النساء ، و الوقوف على أربع ، و جعل بعض العساكر يمتطون ظهريهما ، مع إرغامهما على أكل التبن ، مع الضرب ، و أخير هتك العرض .
لم يفهم المأمور أن سكوت الشابين لفترة ، لم يكن إلا تماشيا مع تقاليد مجتمعهما ، الذي يعتبر مجرد إظهار التألم دليل ضعف .
لقد كان سكوتهما - إلى حين - ليس إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة ، و كان أن هبت العاصفة ، و قرر الشابان قتل المأمور ، و بمتابعته عرفا أنه يتنزه على قدميه ، عصر كل يوم ، مصطحبا صديق له من الموظفين المدنيين ، و بدون حراسة ، و بدون أن يكون مسلحاً ، بعد أن ظن أنه أدخل الرعب في نفوس الأهالي ، فكان أن أُطلق عليه النار من بندقيتين مستترتين ، ليتبع ذلك خروج الشابين من مكمنهما ليتأكدا من مقتل هدفهما ، و ليكملا الإجهاز عليه لو كان لازال فيه رمق ، فلما تأكدا من مقتله غادرا مسرح الحادثة ، و لم يهمهما في كثير ، أو قليل ، أن صديق المأمور كان لازال على قيد الحياة ، يتخبط في دمائه ، فلم يكن هو المعني على أي حال .
إنتشر الخبر بسرعة البرق في أنحاء البداري ، و تبعت صيحات : المأمور إنقتل ، موجة من زغاريد النساء ، و هنىء الأهالي بعضهم البعض .
فهم إسماعيل صدقي معنى كل ما حدث ، و قرر ضرورة الضرب ، بسرعة ، و بشدة ، و حامت الشبهات حول الشابين ، و برغم إنهما تمكنا من إثبات وجودهما ساعة مقتل المأمور في غير موقع الجريمة ، إلا إنهما قدما للنيابة ، ثم للمحاكمة ، و قضت محكمة الإستئناف عليهما بالإعدام ، برغم أن محكمة النقض و الإبرام ، و التي كانت حديثة العهد ، قضت بإعادة المحاكمة ، و لكن حكم محكمة النقض و الإبرام في ذلك الوقت لم يكن إلزامي .
في ذلك العصر ، و لأنه كان لازال في مصر حرية ، و الأهم : كرامة ، هاج ، و ماج ، الرأي العام المصري ، و تدخل ساسة كبار في المسألة ، مثل علي ماهر باشا ، الذي طالب بإصدار عفو ملكي عن الشابين ، و قال للملك فؤاد الأول : لو أن ما حدث لهما ، حدث لي ، لكنت فعلت مثلهما .
إنتهت القضية بما يشبه الحل الوسط ، و تم تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن .
مأمور البداري قتل ، و لكن للأسف إسماعيل صدقي لازال حي ، على مبدأ من سن سنة سيئة .
سنة إسماعيل صدقي السيئة لازالت تطبق في مصر ، و بشكل أبشع ، و لا أعني فقط حادثة مقتل شهيد الأسكندرية ، فهناك جرائم أخرى لا تقل في البشاعة عن جريمة الأسكندرية ، منها الجريمة التي حدثت منذ بضعة أعوام في أحد محافظات بحري ، و لم تأخذ نفس حظ جريمة الأسكندرية في الإهتمام العام ، و راح ضحيتها صبي يتيم الأب ، قتل في قسم للشرطة ضربا بكابل كهربائي ، و كان نفس السيناريو التشويهي ، حيث أصبح الصبي لص ، كما أصبح شهيد الأسكندرية مدمن ، أو تاجر ، مخدرات ، إنه نفس السيناريو ، جريمة ، ثم تشويه .
و لا يجب أن نغفل ما يحدث في المعتقلات ، و السجون ، و مراكز أمن الدولة ، أو أمن الأسرة ، و في مديريات الأمن ، و في المقار ، و السجون السرية ، التي تتبع جهاز المخابرات .
اليوم أصبح إسماعيل صدقي هو الأسرة الحاكمة ، و كل شخص يشارك في إنتهاك كرامة ، و حقوق ، المواطن المصري ، هو مأمور البداري .
ما يحدث في مصر الأن ، أبشع مما حدث في ظل جبروت إسماعيل صدقي ، كما أشرت لذلك عالية ، لأننا أصبح ينقصنا ما كان يتمتع به الأجداد .
ينقصنا الإحساس بأهمية كرامتنا العامة ، و أعني بكرامتنا العامة ، كرامتنا كشعب ، و هي التي تعني إحساسنا بأن أي تعدي على كرامة ، أو حقوق ، أي مواطن مصري ، أو أي مقيم على أرض مصر ، يماثل التعدي على الكرامة ، و الحقوق ، الشخصية لكل فرد منا .
الموقف الذي يجب أن نتخذه في هذا العصر بالتأكيد ليس هو نفس الموقف الذي إتخذه الضحيتان في البداري .
الحل الأن هو الشارع المصري ، بالنزول إليه مع كل تعدي - و لو بسيط - على كرامة أي مواطن مصري ، و أي مقيم بيننا في مصر .
الحل لازال هو الشارع .

27-06-2010

ملحوظة دائمة : أرجو عدم الإلتفات للتلاعبات الأمنية الصبيانية في المقالات ، و التي تهدف إلى تشويه المقالات ، سواء بالتلاعب في طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن التركيز دائما على لب المقالات .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء

الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني

تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969

المنفى القسري : بوخارست - رومانيا

حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

27-06-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق