عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا
قبره ، و مثلوا بجثته ؟
مقولة : التاريخ يكتبه المنتصر ، تصدق كثيرا على
ما قبل العصر الحديث ، حين كانت وسائل تسجيل التاريخ ، و نقل المعلومات ، محدودة ،
و حين كان كثير من المؤرخين ، و الأدباء ، يعتمدون في معيشتهم على رعاية الحكام لهم
، و لكن المؤرخ الحديث عليه أن يمحص التاريخ .
هذا ما ألوم عليه رينهرت دوزي ، إنه لم يفند في بعض الأحيان ما وصله من معلومات تاريخية ، و دوزي هو المؤرخ الهولندي الشهير ، المتوفي عام 1883 ، صاحب كتاب تاريخ مسلمي الأندلس ، الذي ترجمه إلى العربية د. حسن حبشي بعنوان : المسلمون في الأندلس ، و نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب في ثلاثة أجزاء بين عامي 1994 و 1998 ، و هي الطبعة التي أعتمد عليها في هذا المقال .
الإهتمام بتفنيد ما جاء في الكتاب ، و بعد زمن طويل من وفاة مؤلفه ، يعود لأهمية الكتاب ، و الذي يستحق - عن جدارة - أن يعد أفضل ما كُتب عن تاريخ أسبانيا في الفترة من عام 711 و إلى عام 1110 .
إنه كتاب عمدة ، لهذا فمن الخطأ أن يترك بعض ما جاء فيه ، و أرى إنه يناقض الحقيقة ، دون نقد ، و ليس هناك كتاب من تأليف بشر مرفوع عن النقد .
دوزي ، كما أراه في بعض المواضع في ذلك الكتاب ، أخذ بما وصله من المصادر القديمة ، و لم يترك لعقله الجبار فرصة النقد ، خاصة مع علمه إن ما أثبته في كتابه المشار إليه أعلاه ، عند حديثه عن بعض الشخصيات ، كان مصدره فقط ما كتبه المنتصر ، لأنه لا يوجد مصدر أخر يوازن الأمر .
و لكن نقص المصادر الأصلية الأصيلة التي تنقل وجهات نظر مختلفة ، لا يعفي المؤرخ من تهمة التقصير ، لأن من مهام المؤرخ - كما ذكرت عالية - أن ينقد ، و يمحص ، و دوزي نقد ، و محص ، في الكثير من مواضع كتابه هذا ، و لكن للأسف لم يشمل بنقده ، و تمحيصه ، كافة المواضع .
في هذا المقال سأتحدث عن عمر بن حفصون ، و تحديدا سأبحث عن السبب الذي دعا السلطة الأموية لنبش قبر عمر بن حفصون ، و قبر ولده جعفر ، و التمثيل بجثتيهما .
لمن لا يعرف عمر بن حفصون أكتب هذا المختصر عن شخصه :
الأسم : عمر بن حفصون .
الأصل : حسب ما أورده دوزي هو من أصل أسباني ، و هو ما أرجحه لأنه قاد التيار الوطني الأسباني ، بمسلميه ، و مسيحييه ، لفترة طويلة في مواجهة السلطة الأموية بالأندلس ، و لا يعقل أن يقود ذلك التيار شخص من أصل مختلف .
دوره التاريخي : قيادته حركة لإسقاط حكم بني أمية .
على أن ما يميز تلك الحركة إنها كانت وطنية بكل معنى الكلمة ، فإنضوى تحت رايتها الأسباني المسلم ، و المسيحي ، و لم يجد عرب ، و أمازيغ ، من مواطني شبه الجزيرة الأيبيرية ، تمردوا على السلطة ، عارا في التحالف معها ، أو الإنضمام لرايتها ، و كان ممن إنضموا لعمر بن حفصون ، أو لاذوا به ، محمد بن عبد الله ، والد عبد الرحمن الثالث ، المعروف أيضا بعبد الرحمن الناصر .
إنها حركة - من وجهة نظري - من حيث نزعتها الوطنية ، و حياديتها الدينية ، أشبه ما تكون بحركة تنتمي للعصر الحديث ، كالتي قاومت الغزو الفرنسي لأسبانيا في عهد نابليون ، منها بحركة تنتمي للقرنين التاسع ، و بدايات العاشر ، الميلاديين .
المصير : تناوبت على حركة ابن حفصون فترات مد ، و جزر ، متعددة ، و لكنها لم تنجح في سعيها الأساسي ، و أعني إسقاط دولة بني أمية ، و لكنها أيضاً صمدت لمدة طويلة تصل إلى نصف قرن تقريبا ، في وجه أربعة حكام من بني أمية ، و توفي عمر بن حفصون و هو غير مغلوب على أمره .
لكن للأسف لم يترفع عبد الرحمن الناصر عن مشاعر الكراهية الذميمة ، فنبش قبره ، و قبر ولده جعفر ، و بعث بجثتيهما إلى قرطبة ، لتسمرا على عمودين .
التهمة ، أو السبب في ذلك المصير : التنصر ، و هي التهمة التي لم يفندها رينهرت دوزي ، و أخذ بها كما وصلته من المنتصر الذي كتب التاريخ ، و سأقوم هنا بتفنيدها .
سأفند تلك التهمة التي ألصقت بابن حفصون من كتاب دوزي ، و بالتالي من كتب التاريخ القديمة ، لأن دوزي الذي كان يجيد العربية بدرجة متقنة ، ضمن ما كان يجيد من لغات ، نقل من المصادر القديمة مباشرة ، دون الأخذ بالوسطاء ، و في هذا قيمة كبيرة لكتابه ، و على هذا أيضا ففي تفنيد ما كتب دوزي ، تفنيد مباشر لما كتب المنتصر .
أولاً : قبل تاريخ حادثة الردة المزعومة نجد ان عمر بن حفصون ، و حين بدا أن الأسرة الأموية على وشك السقوط ، إتصل بالأغالبة في شمال أفريقيا ، طالبا منهم أن يتوسطوا لدى الخلافة العباسية ، لتصدر الخلافة العباسية مرسوم بتوليته حكم الأندلس .
ثانيا : بعد تاريخ حادثة الردة المزعومة ، و في فترة جزر مرت بحركة عمر بن حفصون ، لم يرد في قائمة أسماء الممالك ، و الحكام ، الذين راسلهم ابن حفصون بهدف التحالف ، سوى اسم واحد مسيحي ، و أعني مملكة ليون ، في المقابل نجد في القائمة : إبراهيم بن القاسم ، صاحب أرزيلة ، في مراكش ، و بني قسي - بالسين - تلك الأسرة القوية المسلمة ذات الأصل القوطي ، في شمال الدولة الإسلامية بشبه الجزيرة الأيبيرية ، و إبراهيم بن حجاج اللخمي ، أقوى الزعماء العرب بالأندلس في وقته .
لقد فشل مشروعه للتحالف مع بني قسي بوفاة محمد بن لب ، كما فشلت - على ما يبدو - بقية المشاريع الأخرى ، و لكنه نجح في التحالف مع ابن حجاج ، و حارب جيشيهما معا جيش الأسرة الأموية .
ثالثا : بعد سنوات من تاريخ ردته المزعومة ، و بعد سقوط دولة الأغالبة ، و قيام الدولة الفاطمية بشمال أفريقيا ، إعترف عمر بن حفصون بسيادة عبيد الله المهدي ، أول خلفاء بني فاطمة ، و بالتالي كانت تُعتبر المناطق التي كان يسيطر عليها في الأندلس جزء من الدولة الفاطمية .
ألم يكن في ذلك التحالف - لو صحت قصة الردة - ما يضر بسمعة الدولة الفاطمية التي كانت لازلت غضة ، و تتعرض للسهام المادية ، و المعنوية ، من كل جانب ؟؟؟
ثم أليس سهلا على من وصلت رسله إلى شمال أفريقيا مرات عدة ، في زمن الأغالبة ، و زمن الفاطميين ، و إتصل بأحد الحكام من الأشراف الأدارسة من قبل ، و تفاهم مع بني قسي في الشمال الأسباني ، أن تصل رسله إلى فرنسا ، أو روما ، ليحاول الحصول على دعمهما بصفته الجديدة ؟؟؟؟
ألم تكن صفته الجديدة - المزعومة - تسهل عليه الوصول إلى دعم فرنسي ، أو فاتيكاني ، أكثر من الحصول على دعم إسلامي ؟؟؟
رابعا : قال دوزي أن أسرة عمر بن حفصون بأكملها تنصرت معه ، و لكن الغريب أن دوزي يذكر أن عبد الرحمن بن عمر بن حفصون ، كان رجل قلم ، أكثر منه رجل سيف ، و إنه بادر بالإستسلام في عهد عبد الرحمن الثالث ، و بعد وفاة عمر بن حفصون ، و شخص إلى قرطبة حيث عكف بقية حياته على نسخ المخطوطات ، أما الأغرب أن جعفر بن عمر بن حفصون ، و الذي قتل قبل سقوط الحركة ، و الذي قال دوزي إنه عاد إلى الإسلام ، و حاول إستمالة المسلمين الأسبان ، و قتل في مؤامرة شارك فيها أحد إخوته ، هو الذي نُبش قبره ، مثلما نبش قبر أبيه عمر ، و أرسلت جثته ، و جثة أبيه ، إلى قرطبة ، ليمثل بهما .
لماذا نُبش قبر جعفر ، المسلم ، و ليس قبر أخيه الذي تسبب في قتله ؟
خامسا : ألقى المؤرخون الأقدمون التهمة على الفقهاء ، حين إدعوا أن الفقهاء المصاحبون لعبد الرحمن الناصر ، هم الذين ألحوا في نبش قبر عمر بن حفصون ، و ولده جعفر ، لبيان هل دفنا على الطريقة الإسلامية ، أم المسيحية .
أليس في هذا الطلب في حد ذاته دليل على الشك ، و أن التهمة برمتها زائفة ، خاصة أن الطلب يشمل أيضا قبر جعفر ، المسلم بحسب رواية دوزي .
ما أرى في ذلك الطلب إلا إنه طلب زائف ، لم يطلب في الحقيقة ، و إنه ليس أكثر من محاولة من مؤرخي الأسرة الأموية لنفي تهمة نبش القبور ، و التمثيل بالجثث ، عن عبد الرحمن الثالث ، و إلصاقها بالفقهاء .
السؤال يبقى : لماذا إختلفت معاملة عمر بن حفصون ، عن غيره من المتمردين الأخرين ، الذين كان يموج بتمردهم الجزء الإسلامي من شبه الجزيرة الأيبيرية ؟
الإجابة : نعم لم يكن عمر بن حفصون هو المتمرد الوحيد على السلطة الأموية ، فقد كانت هناك حالة من الفوضى العارمة ، و التفكك في السلطة ، وصلت معه السلطة من الضعف ، و المهانة ، أن السلطان الفعلي للحاكم الأموي إنحسر لفترة ما في مدينة قرطبة فقط ، و أصبحت نواحي الدولة مقسمة بين أسرات ، و أفراد ، يحكمون على هواهم ، لكن عمر بن حفصون إختلف عن كافة المتمردين الأخرين ، من أسبان ، و عرب ، و أمازيغ ، في إنه لم يكن يفكر مثل بقية المتمردين ، الذين كان جل تفكيرهم هو كيفية البقاء في الحكم في مناطقهم ، و ربما الإستيلاء على منطقة مجاورة لهم ، ليس أكثر .
المتمردون الأخرون كانوا أشبه بالحكام في عصر الطوائف ، الذي جاء بعد ذلك ، أما عمر بن حفصون فكان يملك عقل مؤسس دولة ، و قدراته ، لهذا أراد أن يحكم شبه الجزيرة الأيبيرية بأجمعها ، ليؤسس دولة حلم بها ، لا يُضطهد فيها أحد بسبب دين ، أو مذهب ، أو عرق ، و لكنه عرف أنه يحتاج لغطاء شرعي مقبول شعبيا ، فبحث عنه في بغداد ، ثم في المهدية ، حيث العدوين اللدودين لبني أمية ، و هذه جريمته الكبرى .
عمر بن حفصون لم يكن فقط سابق لعصره ، و سابق لعبد الرحمن الثالث في تسامحه الديني ، حين لم يفرق بين أحد بسبب دينه ، فحارب تحت رايته المسلم بجانب المسيحي ، و زاد على عبد الرحمن الثالث في ذلك الميدان ، برفضه للنظرة المذهبية الضيقة التي شابت حكم عبد الرحمن الناصر ، بل كان أيضا الأصلب عوداً ، و الأشد شكيمة ، بين كل من تمردوا في فترة حياته على سلطان بني أمية ، و أيضا كان الأوسع أفقاً ، و الأكثر حيلة ، و الأكثر طموحاً ، و لهذا كان مصيره مختلفاً عنهم جميعاً .
لقد كان لابد لبني أمية تحطيم ذكراه ، بعد أن رحل عن هذه الدنيا الفانية ، فكان تسامحه الديني ، و ترفعه عن الطائفية ، و النظرة المذهبية الضيقة ، هما المطرقة التي أردوا تحطيمه بها .
إنني ، و برغم أصلي المختلف ، لا أجد في وسعي إلا أن أتعاطف مع عمر بن حفصون الحقيقي ، لا الزائف الذي وصلنا من خلال مؤرخي بني أمية ، و من نقل عنهم .
هذا ما ألوم عليه رينهرت دوزي ، إنه لم يفند في بعض الأحيان ما وصله من معلومات تاريخية ، و دوزي هو المؤرخ الهولندي الشهير ، المتوفي عام 1883 ، صاحب كتاب تاريخ مسلمي الأندلس ، الذي ترجمه إلى العربية د. حسن حبشي بعنوان : المسلمون في الأندلس ، و نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب في ثلاثة أجزاء بين عامي 1994 و 1998 ، و هي الطبعة التي أعتمد عليها في هذا المقال .
الإهتمام بتفنيد ما جاء في الكتاب ، و بعد زمن طويل من وفاة مؤلفه ، يعود لأهمية الكتاب ، و الذي يستحق - عن جدارة - أن يعد أفضل ما كُتب عن تاريخ أسبانيا في الفترة من عام 711 و إلى عام 1110 .
إنه كتاب عمدة ، لهذا فمن الخطأ أن يترك بعض ما جاء فيه ، و أرى إنه يناقض الحقيقة ، دون نقد ، و ليس هناك كتاب من تأليف بشر مرفوع عن النقد .
دوزي ، كما أراه في بعض المواضع في ذلك الكتاب ، أخذ بما وصله من المصادر القديمة ، و لم يترك لعقله الجبار فرصة النقد ، خاصة مع علمه إن ما أثبته في كتابه المشار إليه أعلاه ، عند حديثه عن بعض الشخصيات ، كان مصدره فقط ما كتبه المنتصر ، لأنه لا يوجد مصدر أخر يوازن الأمر .
و لكن نقص المصادر الأصلية الأصيلة التي تنقل وجهات نظر مختلفة ، لا يعفي المؤرخ من تهمة التقصير ، لأن من مهام المؤرخ - كما ذكرت عالية - أن ينقد ، و يمحص ، و دوزي نقد ، و محص ، في الكثير من مواضع كتابه هذا ، و لكن للأسف لم يشمل بنقده ، و تمحيصه ، كافة المواضع .
في هذا المقال سأتحدث عن عمر بن حفصون ، و تحديدا سأبحث عن السبب الذي دعا السلطة الأموية لنبش قبر عمر بن حفصون ، و قبر ولده جعفر ، و التمثيل بجثتيهما .
لمن لا يعرف عمر بن حفصون أكتب هذا المختصر عن شخصه :
الأسم : عمر بن حفصون .
الأصل : حسب ما أورده دوزي هو من أصل أسباني ، و هو ما أرجحه لأنه قاد التيار الوطني الأسباني ، بمسلميه ، و مسيحييه ، لفترة طويلة في مواجهة السلطة الأموية بالأندلس ، و لا يعقل أن يقود ذلك التيار شخص من أصل مختلف .
دوره التاريخي : قيادته حركة لإسقاط حكم بني أمية .
على أن ما يميز تلك الحركة إنها كانت وطنية بكل معنى الكلمة ، فإنضوى تحت رايتها الأسباني المسلم ، و المسيحي ، و لم يجد عرب ، و أمازيغ ، من مواطني شبه الجزيرة الأيبيرية ، تمردوا على السلطة ، عارا في التحالف معها ، أو الإنضمام لرايتها ، و كان ممن إنضموا لعمر بن حفصون ، أو لاذوا به ، محمد بن عبد الله ، والد عبد الرحمن الثالث ، المعروف أيضا بعبد الرحمن الناصر .
إنها حركة - من وجهة نظري - من حيث نزعتها الوطنية ، و حياديتها الدينية ، أشبه ما تكون بحركة تنتمي للعصر الحديث ، كالتي قاومت الغزو الفرنسي لأسبانيا في عهد نابليون ، منها بحركة تنتمي للقرنين التاسع ، و بدايات العاشر ، الميلاديين .
المصير : تناوبت على حركة ابن حفصون فترات مد ، و جزر ، متعددة ، و لكنها لم تنجح في سعيها الأساسي ، و أعني إسقاط دولة بني أمية ، و لكنها أيضاً صمدت لمدة طويلة تصل إلى نصف قرن تقريبا ، في وجه أربعة حكام من بني أمية ، و توفي عمر بن حفصون و هو غير مغلوب على أمره .
لكن للأسف لم يترفع عبد الرحمن الناصر عن مشاعر الكراهية الذميمة ، فنبش قبره ، و قبر ولده جعفر ، و بعث بجثتيهما إلى قرطبة ، لتسمرا على عمودين .
التهمة ، أو السبب في ذلك المصير : التنصر ، و هي التهمة التي لم يفندها رينهرت دوزي ، و أخذ بها كما وصلته من المنتصر الذي كتب التاريخ ، و سأقوم هنا بتفنيدها .
سأفند تلك التهمة التي ألصقت بابن حفصون من كتاب دوزي ، و بالتالي من كتب التاريخ القديمة ، لأن دوزي الذي كان يجيد العربية بدرجة متقنة ، ضمن ما كان يجيد من لغات ، نقل من المصادر القديمة مباشرة ، دون الأخذ بالوسطاء ، و في هذا قيمة كبيرة لكتابه ، و على هذا أيضا ففي تفنيد ما كتب دوزي ، تفنيد مباشر لما كتب المنتصر .
أولاً : قبل تاريخ حادثة الردة المزعومة نجد ان عمر بن حفصون ، و حين بدا أن الأسرة الأموية على وشك السقوط ، إتصل بالأغالبة في شمال أفريقيا ، طالبا منهم أن يتوسطوا لدى الخلافة العباسية ، لتصدر الخلافة العباسية مرسوم بتوليته حكم الأندلس .
ثانيا : بعد تاريخ حادثة الردة المزعومة ، و في فترة جزر مرت بحركة عمر بن حفصون ، لم يرد في قائمة أسماء الممالك ، و الحكام ، الذين راسلهم ابن حفصون بهدف التحالف ، سوى اسم واحد مسيحي ، و أعني مملكة ليون ، في المقابل نجد في القائمة : إبراهيم بن القاسم ، صاحب أرزيلة ، في مراكش ، و بني قسي - بالسين - تلك الأسرة القوية المسلمة ذات الأصل القوطي ، في شمال الدولة الإسلامية بشبه الجزيرة الأيبيرية ، و إبراهيم بن حجاج اللخمي ، أقوى الزعماء العرب بالأندلس في وقته .
لقد فشل مشروعه للتحالف مع بني قسي بوفاة محمد بن لب ، كما فشلت - على ما يبدو - بقية المشاريع الأخرى ، و لكنه نجح في التحالف مع ابن حجاج ، و حارب جيشيهما معا جيش الأسرة الأموية .
ثالثا : بعد سنوات من تاريخ ردته المزعومة ، و بعد سقوط دولة الأغالبة ، و قيام الدولة الفاطمية بشمال أفريقيا ، إعترف عمر بن حفصون بسيادة عبيد الله المهدي ، أول خلفاء بني فاطمة ، و بالتالي كانت تُعتبر المناطق التي كان يسيطر عليها في الأندلس جزء من الدولة الفاطمية .
ألم يكن في ذلك التحالف - لو صحت قصة الردة - ما يضر بسمعة الدولة الفاطمية التي كانت لازلت غضة ، و تتعرض للسهام المادية ، و المعنوية ، من كل جانب ؟؟؟
ثم أليس سهلا على من وصلت رسله إلى شمال أفريقيا مرات عدة ، في زمن الأغالبة ، و زمن الفاطميين ، و إتصل بأحد الحكام من الأشراف الأدارسة من قبل ، و تفاهم مع بني قسي في الشمال الأسباني ، أن تصل رسله إلى فرنسا ، أو روما ، ليحاول الحصول على دعمهما بصفته الجديدة ؟؟؟؟
ألم تكن صفته الجديدة - المزعومة - تسهل عليه الوصول إلى دعم فرنسي ، أو فاتيكاني ، أكثر من الحصول على دعم إسلامي ؟؟؟
رابعا : قال دوزي أن أسرة عمر بن حفصون بأكملها تنصرت معه ، و لكن الغريب أن دوزي يذكر أن عبد الرحمن بن عمر بن حفصون ، كان رجل قلم ، أكثر منه رجل سيف ، و إنه بادر بالإستسلام في عهد عبد الرحمن الثالث ، و بعد وفاة عمر بن حفصون ، و شخص إلى قرطبة حيث عكف بقية حياته على نسخ المخطوطات ، أما الأغرب أن جعفر بن عمر بن حفصون ، و الذي قتل قبل سقوط الحركة ، و الذي قال دوزي إنه عاد إلى الإسلام ، و حاول إستمالة المسلمين الأسبان ، و قتل في مؤامرة شارك فيها أحد إخوته ، هو الذي نُبش قبره ، مثلما نبش قبر أبيه عمر ، و أرسلت جثته ، و جثة أبيه ، إلى قرطبة ، ليمثل بهما .
لماذا نُبش قبر جعفر ، المسلم ، و ليس قبر أخيه الذي تسبب في قتله ؟
خامسا : ألقى المؤرخون الأقدمون التهمة على الفقهاء ، حين إدعوا أن الفقهاء المصاحبون لعبد الرحمن الناصر ، هم الذين ألحوا في نبش قبر عمر بن حفصون ، و ولده جعفر ، لبيان هل دفنا على الطريقة الإسلامية ، أم المسيحية .
أليس في هذا الطلب في حد ذاته دليل على الشك ، و أن التهمة برمتها زائفة ، خاصة أن الطلب يشمل أيضا قبر جعفر ، المسلم بحسب رواية دوزي .
ما أرى في ذلك الطلب إلا إنه طلب زائف ، لم يطلب في الحقيقة ، و إنه ليس أكثر من محاولة من مؤرخي الأسرة الأموية لنفي تهمة نبش القبور ، و التمثيل بالجثث ، عن عبد الرحمن الثالث ، و إلصاقها بالفقهاء .
السؤال يبقى : لماذا إختلفت معاملة عمر بن حفصون ، عن غيره من المتمردين الأخرين ، الذين كان يموج بتمردهم الجزء الإسلامي من شبه الجزيرة الأيبيرية ؟
الإجابة : نعم لم يكن عمر بن حفصون هو المتمرد الوحيد على السلطة الأموية ، فقد كانت هناك حالة من الفوضى العارمة ، و التفكك في السلطة ، وصلت معه السلطة من الضعف ، و المهانة ، أن السلطان الفعلي للحاكم الأموي إنحسر لفترة ما في مدينة قرطبة فقط ، و أصبحت نواحي الدولة مقسمة بين أسرات ، و أفراد ، يحكمون على هواهم ، لكن عمر بن حفصون إختلف عن كافة المتمردين الأخرين ، من أسبان ، و عرب ، و أمازيغ ، في إنه لم يكن يفكر مثل بقية المتمردين ، الذين كان جل تفكيرهم هو كيفية البقاء في الحكم في مناطقهم ، و ربما الإستيلاء على منطقة مجاورة لهم ، ليس أكثر .
المتمردون الأخرون كانوا أشبه بالحكام في عصر الطوائف ، الذي جاء بعد ذلك ، أما عمر بن حفصون فكان يملك عقل مؤسس دولة ، و قدراته ، لهذا أراد أن يحكم شبه الجزيرة الأيبيرية بأجمعها ، ليؤسس دولة حلم بها ، لا يُضطهد فيها أحد بسبب دين ، أو مذهب ، أو عرق ، و لكنه عرف أنه يحتاج لغطاء شرعي مقبول شعبيا ، فبحث عنه في بغداد ، ثم في المهدية ، حيث العدوين اللدودين لبني أمية ، و هذه جريمته الكبرى .
عمر بن حفصون لم يكن فقط سابق لعصره ، و سابق لعبد الرحمن الثالث في تسامحه الديني ، حين لم يفرق بين أحد بسبب دينه ، فحارب تحت رايته المسلم بجانب المسيحي ، و زاد على عبد الرحمن الثالث في ذلك الميدان ، برفضه للنظرة المذهبية الضيقة التي شابت حكم عبد الرحمن الناصر ، بل كان أيضا الأصلب عوداً ، و الأشد شكيمة ، بين كل من تمردوا في فترة حياته على سلطان بني أمية ، و أيضا كان الأوسع أفقاً ، و الأكثر حيلة ، و الأكثر طموحاً ، و لهذا كان مصيره مختلفاً عنهم جميعاً .
لقد كان لابد لبني أمية تحطيم ذكراه ، بعد أن رحل عن هذه الدنيا الفانية ، فكان تسامحه الديني ، و ترفعه عن الطائفية ، و النظرة المذهبية الضيقة ، هما المطرقة التي أردوا تحطيمه بها .
إنني ، و برغم أصلي المختلف ، لا أجد في وسعي إلا أن أتعاطف مع عمر بن حفصون الحقيقي ، لا الزائف الذي وصلنا من خلال مؤرخي بني أمية ، و من نقل عنهم .
02-06-2010
ملحوظة دائمة : أرجو من القارئ الكريم ألا يعير إهتمامه للتلاعب الصبياني الأمني ، في نصوص المقالات ، ذلك التلاعب الذي يشمل التلاعب في طريقة كتابة الكلمات ، أو بالحذف و/أو الإضافة ، فلا يصرف ذلك التلاعب الأمني الصبياني تركيزه على ما ورد بالمقالات من أفكار .
ملحوظة دائمة : أرجو من القارئ الكريم ألا يعير إهتمامه للتلاعب الصبياني الأمني ، في نصوص المقالات ، ذلك التلاعب الذي يشمل التلاعب في طريقة كتابة الكلمات ، أو بالحذف و/أو الإضافة ، فلا يصرف ذلك التلاعب الأمني الصبياني تركيزه على ما ورد بالمقالات من أفكار .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد
الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح
الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد
حسنين الحسني
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون
من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست -
رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار
الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم -
إستعيدوا مصر
02-06-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق