الخميس، 14 فبراير 2013

جُمع قتل الثورة

جُمع قتل الثورة
 
التطرف فكر ، ينتشر في ظل توافر عوامل بيئية معينة ، أهمها العامل الإقتصادي ، فعندما يتردى حال الإقتصاد ، يبدأ قطاع من المجتمع في التطرف ، سواء دينياً ، أو سياسيا .
لهذا عندما يُراد القضاء على التطرف ، أو حتى رفضه ، فإن ذلك يكون بمقارعة الفكر المتطرف بفكر أخر على نقيضه ، و كذلك بتغيير البيئة التي تساعد على إنتشاره ، و ليس بتنظيم تظاهرة مليونية - هذا إن وصلت للمليون - و ليوم واحد ، أو حتى لإسبوع ، أو شهر ، لأن التظاهرت ليست هي علاجه ، مثلها في ذلك مثل الوسائل الأمنية .
و إن كان المقصود بالتطهير لدى الداعين لتظاهرة جمعة التطهير ، هو تطهير مصر من فساد عصر مبارك ، فإن تظاهرة ، ليوم واحد ، مهما بلغ حجمها ، لا تكفي لإقتلاع فساد أخطبوطي عملاق ، مستفحل ، و مستشري ، نتيجة رعاية نظام مبارك له بشكل علني ، لثلاثة عقود تقريباً ، و لازال النظام الذي رعى الفساد قائم بوجه أخر .
و إن كان المقصود بالتطهير هو القبض على أسماء بعينها ، من أركان نظام مبارك ، فإن تظاهرة يوم واحد لا تكفي ، لأن أيضا النظام الحاكم حالياً هو ذاته النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و هو بالتالي النظام الذي رعى الفساد ، و حمى الفاسدين ، و المفسدين .
ثم للقارئ أن يتخيل دمج الهدفين المذكورين أعلاه ، في تظاهرة واحدة ، ليوم واحد .
إن أردت أن أنتقد أكثر ، فإنني أنتقد أيضا ما أطلق عليه : جمعة
الحصاد !!!
ما هو الحصاد الذي قفز لأذهان هؤلاء الذين أطلقوا إسم : جمعة الحصاد ؟؟؟
نحن لم نستكمل العمل بعد ، فماذا سنحصد ؟
نحن لم نقتلع بعد النباتات الشيطانية التي نمت في مصر في عهد مبارك ، و لم نصل بالتالي لمرحلة الحرث ، و البذر ، و التعهد ، فكيف قفز لذهن هؤلاء أن هناك حصاد ؟؟؟
نحن لازلنا في الفصل الثاني من كتاب الثورة ، لم ننجز فيه شيء ذا قيمة للآن ، أو لأقولها صراحة : لم ننجز أي شيء على الإطلاق ، و كل ما كُتب في ذلك الفصل ، هو من سطر أعداء الثورة ، فأي حصاد عناه هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم قادة للثورة الأن ، و يريدون تهميش الآخرين ، الذين أسهموا في التمهيد للثورة ، و شاركوا فيها .
إن كانوا يعنون حزب ، و جريدة ، و مقاعد برلمانية ، لهم ، و ربما تداعبهم أحلام وزارية ، فما الفارق بين هؤلاء الشباب ، و بين الإخوان ، في ميدان الإنتهازية ، و التربح بالثورة ، و بدماء الشهداء ؟؟؟
ما يحدث الأن ، على يد المجموعة التي نصبت نفسها زعيمة لثورة مهد لها آخرون ، و شارك فيها ملايين ، و سقط فيها شهداء قدموا نفوسهم لتنجح ، فأعلنت نفسها وصية ، بل مالكة ، لثورة مصر في 2011 ، هو هدم للثورة ، و عن عمد .
ما يحدث الأن هو جريمة ، مع سبق الإصرار و التعمد ، بحق الثورة المصرية ، على يد مجموعة إدعت إمتلاكها للثورة .
إدعاء كاذب لم يحدث مثيل له في أي ثورة مصرية شعبية من قبل .
إدعاء لم يجرؤ عليه زعماء مصريين تاريخيين ، أكبر منهم بكثير في القدر ، و الذكاء ، و العلم ، و الوطنية ، و الإخلاص ، قادوا ثورات مصرية شعبية أكبر في التأثير من ثورة الشعب المصري في 2011 ؟
لم يدع الشريف عمر مكرم الأسيوطي أن ثورة 1805 ، هي ثورته ، أو إنه الوصي عليها ، أو إنه المتحدث الأوحد بإسمها ، و لم يدع الزعيم سعد زغلول ، و لا حتى حزب الوفد الأصلي ، إنه مالك ثورة 1919 .
لكن في مصر ، و في 2011 ، هناك من إدعى أن ثورة شعبية ضخمة ، ذات إمتداد جغرافي كبير ، على الخارطة المصرية ، هي ثورته .
ما يحدث الآن هو نتيجة إختراق أمني ، تم بمجموعة شبابية ، ككثير من الإختراقات التي حدثت من قبل لكثير من التنظيمات الحزبية ، و الشبابية ، و الإعلامية .
أرائي ، من لا يصدقها ، كما هي عادة البعض ، أو من يصدقها متأخراً ، كما هي عادة البعض الآخر ، فعليه أن ينظر إلى الكيفية التي يقود بها هؤلاء الذين إستولوا على الثورة - أو المجلس الشبابي لقيادة الثورة - الثورة .
أهداف عقيمة ، ليست مهمة الثورة القيام بها ، كالوقوف في وجهة التطرف ، أو حتى رفضه ، أو أهداف ليس ذات أهمية عليا في سلم الأولويات ، مثل المطالبة بإقالة حكومة شفيق ، مع ترك الدستور ، و ترك الإستفتاء يمر ، فكانت هزيمة الإستفتاء ، أو المطالبة بأهداف كبيرة صحيحة ، و لكن بمجرد تظاهرة يوم واحد ، لأن العادة الآن أصبحت : شعار لكل جمعة ، و عند غروب كل جمعة يسقط الشعارمن قائمة من إستولوا على الثورة ، و لكن يبقى دون أن يتحقق .
إنها جُمع إضاعة الجهد ، و الوقت ، عبثاً .
إنها جُمع قتل الثورة .
إنني أعرف إن نقدي مر ، و لكني لست مهتم بأن يكون نقدي برد ، و سلام ، على من يصرون على قتل الثورة ، بنصائحهم ، و أفكارهم ، كما إنني لا أوجه حديثي إليهم .
القيادة الحالية التي إستولت على الثورة ، جهاراً نهاراً ، بمعونة الأمن ، تقوم بتنفيذ خطة أمنية خبيثة ، عماد تلك الخطة هو الإنفراد
بالثورة ، ثم إستنفاذ جهود الشعب الغاضب في ما لاطائل منه ، حتى يتلاشى تدريجيا الزخم الذي تتمتع به الثورة .
عندما يخرج الشعب للتظاهر كل أسبوع ، لأهداف ليست مهمه في سلم الأولويات ، أو ليس من مهام الثورة تحقيقها ، و تتغير تلك الأهداف إسبوعياً ، مع عدم تحقيق شيء ذي بال منذ أكثر من شهر ، فإن الزخم الثوري سيتلاشى تدريجيا ، و هذه هي المهمة التي تقوم بها تلك المجموعة الشبابية التي نصبت نفسها ، بمساعدة الأمن ، مالكة للثورة .
إنني لا أنتقد فقط ، و لكن أقدم أيضا الحلول .
الخطة التي يجب أن تسير عليها الثورة منشورة في مقال : النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف ، و المنشور في الحادي و العشرين من مارس 2011 .
في ذلك المقال توجد قائمة مختصرة لأهداف يمكن تبنيها .
و في المقال نصيحة هامة أجد من الواجب أن أكررها ، و هي ضرورة التركيز على هدف كبير ، و الإصرار على تنفيذه ، حتى يتحقق تماما ، ثم البدء في الهدف الذي يليه ، لكن أضيف ، مع وجوب إجهاض أي تحركات موازية يقوم بها النظام .
لقد تم إسقاط مبارك في ثمانية عشر يوما من العمل الشاق ، و بالكثير من التضحيات .
لم يتم إسقاط مبارك - و هو الهدف الوحيد الحقيقي الذي تحقق منذ بدأت الثورة في الخامس و العشرين من يناير - بتظاهرة يوم واحد .
لم نطالب بإسقاط النظام يوم الخامس و العشرين من يناير ، ثم غيرنا هتافنا في أول يوم جمعة تلى ذلك اليوم .
إنني في هذا المقال أتوجه للشعب المصري ، للشباب الذي يتحرق شوقا ، و أملا ، من أجل تغيير حقيقي ، يغير واقع مصر الحالي ، و مستقبلها ، للأفضل ، و للرجال ، و النساء ، الذين سرقت من أعمارهم ثلاثين عاماً ، كما سُرقت مني ، لينقذ الثورة .
الشعب المصري هو الأمل الحقيقي في إنقاذ الثورة ، بشيبته ، و شبابه ، نسائه ، و رجاله .


أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

 
23-03-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق