الأحد، 10 فبراير 2013

البوركا الساركوزية لم تكن سابغة بما يكفي

البوركا الساركوزية لم تكن سابغة بما يكفي

هذا المقال أعده الحلقة الثانية من مقال : ساركوزي يواري فشله بالبوركا ، أو البرقع .
في المقال المشار إليه ، و بإختصار شديد ، ربطت بين فشل ساركوزي الإقتصادي ، و حملته على البوركا ، أو البرقع ، و أشرت في ذلك المقال للتغيير الوزاري الذي قام به ساركوزي آنذاك ، و الذي كان مؤشر واضح لإتجاه أكثر نحو اليمين ، و بما إن ساركوزي في الأصل ينتمي إلى يمين الوسط ، فإن إنتقاله إلى مزيد من اليمينية لم يكن يعني إلا مغازلة اليمين المتطرف ، بتبني خطابه ، خاصة أن ساركوزي لم يقف عند حد الحرب على البوركا ، أو البرقع ، بل تمادى في غيه اليميني بتبنيه ، لفترة ما ، لما يمكن أن نطلق عليه تربية المواطنة ، و هي التربية التي تستهدف بالأساس الأقليات العرقية الفرنسية .
كما ذكرت في السطر الأول في هذا المقال ، فإنني أعتبر هذا المقال هو الحلقة الثانية ، لإنه سيتعامل مع النتيجة ، أو ردة فعل الناخب الفرنسي على سياسات ساركوزي .
لقد كانت النتائج النهائية للإنتخابات الفرنسية المحلية ، التي أعلنت هذا الشهر ، مارس 2010 ، هي إجابة الشارع الفرنسي على الخطاب الساركوزي اليميني المتشدد .
لا أملك إلا أن أحيي الناخب الفرنسي الواعي ، الذي وجه صفعة لحزب ساركوزي ، منتخبا الحزب الإشتراكي ، الذي يمثل بحق قيم الثورة الفرنسية ، قيم : حرية - إخاء - مساواة .
لم يفلح الخط الساركوزي اليميني المتطرف ، و الذي أدرك هو نفسه خطره ، و حاول أن ينأى عنه فيما بعد ، خصوصا فيما يتعلق بقضية المواطنة .
نتيجة الإنتخابات المحلية الفرنسية تعد درس ، ليس فقط لساركوزي بل لكل الأحزاب ، و السياسيين ، على مستوى العالم ، و أيضا لكل ناخب .
الدرس يقوم على أن عموم الناخبين ليس من السهل التلاعب بهم ، عبر إثارة مشاعر الكراهية تجاه الأقليات ، و الخوف منها .
لم تفلح الألاعيب الساركوزية اليمينية في حجب عقول الناخبين الفرنسيين عن الوضع الإقتصادي الصعب ، و عن تبخر الوعود الساركوزية الإقتصادية ، فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بسلوكيات ساركوزي الشخصية .
الدرس الثاني ، و الذي لا يقل أهمية عن الأول ، و هو درس أيضا عابر للحدود السياسية : أن اللعب على مشاعر الكراهية ، و إثارة النعرات اليمينية المتطرفة ، لا يصب في صالح أحزاب يمين الوسط ، التي تتبنى ذلك الخطاب المتطرف في فترات إنحسار التأييد لها .
القواعد الشعبية اليمينية المتطرفة الأصيلة ، و الأخرى التي تُكتسب لصف اليمين المتطرف بحملات الكراهية الي تتبناها أحزاب يمين الوسط ، تصب أصواتها في النهاية لصالح اليمين المتطرف الأصيل ، العتيد .
لم يكن كل الناخبين الفرنسيين في تلك الإنتخابات المحلية ، بنفس درجة الوعي ، فقد إستجابت قلة للحملة الساركوزية ، و لكنها أدلت بأصواتها لحزب جان ماري لوبان ، و ليس لحزب ساركوزي .
لم تثق تلك القلة بصدق التحول الساركوزي ، أو ربما لم تقتنع بساركوزي كيميني متطرف ، فلم تنظر له إلا على إنه وافد حديث ، فأعطت أصواتها لليميني المتطرف العتيق ، الراسخ في تطرفه ، فحصد اليمين المتطرف جهد يمين الوسط ، كما إتضح من النتيجة النهائية للإنتخابات .
لازال أمام ساركوزي فرصة ، ليعود لصفوف الإعتدال ، و يركز على الإقتصاد ، المحرك الأول للناخب في أي مكان في العالم ، و ليترك الناس تعيش بالطريقة التي تهواها ، مادامت تحترم القوانين العادلة لبلادها ، و أول شروط العدالة : المساواة في الحقوق ، و الواجبات ، و عدم التحامل .
الدرس ليس فقط لساركوزي ، بل أيضا لكل الحكام الذين يلعبون على مشاعر الكراهية تجاه الأقليات ، و هم كثير في منطقتنا .
البوركا الساركوزية لم تكن سابغة بما يكفي لتواري فشله .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام 1969
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

19-03-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق