عندما ننضج فكريا سنتعاون على
أسس صحيحة
لا
أؤمن بالقومية العربية ، و التي راجت في عهد عبد الناصر ، و بشكل باهت أطلت علينا
في الفترة الأولى من عصر مبارك الأب ، و إذا كنت أنبذ القومية العربية ، فمن باب
أولى أن أرفض ما هو أضيق منها ، و أعني القومية المصرية ، أو الفرعونية ، التي وجدت
الدعم في السنوات الأخيرة من حكم السادات ، و عادت إليها الروح في السنوات القليلة
الماضية ، برعاية جيمي مبارك .
أرفض القومية لإيماني بإنها نزعة عنصرية ، تتعارض مع القيم الدينية ، و الإنسانية ، فهي تؤدي لنمو مشاعر الإنعزالية ، و الشعور بالعداء ، و الكراهية ، لمن هم خارج حدود تلك القومية .
إنها تغلق العقل ، و تجعله أسير أسوار الخصوصية الوهمية ، فتمنعه من التحليق لأعلى الأفاق الإنسانية ، و تحرم الفرد بالتالي من جني فوائد الإنفتاح على العالم ، ماضيه ، و حاضره ، و المشاركة في بناء مستقبله .
لكن رفضي لإعتناق القومية العربية ، لا يعني إنني أنكر أن هناك تاريخ ، و تراث ، يجمعان شعوب المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج ، بل و يمكن مد حدود تلك المنطقة شرقا لتشمل إيران .
لا يمكن لعاقل أن ينكر التاريخ المشترك ، و الأهم لا يمكن إنكار أن هناك تواصل حضاري بين شعوب المنطقة .
عندما ولدت فكرة القومية العربية في بلاد الشام ، لقيت الفكرة أتباع مخلصين في مصر ، و العراق ، و دول أخرى ، و عرفت بإسم الناصرية ، و البعثية ، و كان في مقابلها أفكار القوميات الفرعونية ، و الفينيقية ، و الأمازيغية ، و الفارسية ، … إلخ .
إنتشار فكر الإخوان المسلمين مثال أخر على هذا التفاعل .
و عندما قامت الثورة الإيرانية في 1979 ، وجدت - برغم الإختلاف المذهبي - صدى في بلاد المنطقة .
و الحركة التأميمية بإيران في عهد مصدق، و جدت صداها في مصر في عهد عبد الناصر .
و قديما ، في العصور الوسطى ، عندما خرج الإمام الغزالي بمصنفه الشهير تهافت الفلاسفة ، جاء رد من أقصى الغرب متمثل في كتاب تهافت التهافت لابن رشد .
الطبري ، و ابن سينا ، و البيروني ، و الخوارزمي ، و غيرهم ، أمثلة أخرى على إنتشار التفاعل الفكري .
القائمة الدالة على تفاعل شعوب المنطقة فكريا ستطول ، و الأمثلة القليلة السابقة تثبت إنه تفاعل فكري خارج عن حدود القومية العربية ، و سابق عليها ، و لا علاقة له بأي دين من الأديان المنتشرة في منطقتنا ، لأن جذوره تمتد بعيدا في تاريخنا .
لقد ثبت أن المؤثرات الحضارية المتبادلة بين شعوب منطقتنا ، قديمة قدم حضاراتنا ، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الأدلة على أن المؤثرات الفرعونية وصلت في إنتشارها شرقا حتى بلاد فارس .
و عندما سقط بيت المقدس في يد البابليين ، و ما تبعه من شتات اليهود ، ثم بعد الثورات اليهودية الفاشلة في العصر الروماني ، إنتشرت المستعمرات اليهودية في كل ركن من منطقتنا ، حتى في داخل عمق الجزيرة العربية ، و كان الوجود اليهودي في يثرب سبب في سهولة تقبل الأوس ، و الخزرج ، لرسالة خاتم المرسلين ، محمد ، صلى الله عليه و سلم .
و عندما سقطت الإمبراطورية الفارسية على يد الإسكندر الأكبر ، و خضع الفرس للنير الأجنبي لمدة خمسمائة عام ، وجد المجوس الرافضين للوثنية اليونانية ، الملجأ في شرق الجزيرة العربية ، و إختلطوا بالعرب القاطنين هناك ، ليولد مجتمع مختلط في إقليم البحرين التاريخي ، كان له تأثير على الفكر الديني في الجزيرة العربية .
و الكثير من الفرق المسيحية ولدت في منطقتنا ، و تناقشت ، و تنافست ، في منطقتنا .
العصر الهليستيني مثال ممتاز ، و غني بالأمثلة ، لأن فيه طرحت شعوب المنطقة عن نفسها أردية التقوقع ، و التعصب ، القوميين ، بشكل أكبر ، فعبرت الأديان ، و المذاهب ، و الأفكار ، الحدود الإنسانية بشكل أسرع ، فكم من أفكار ولدت في ركن ما من منطقتنا ، لتجد الإحتضان في أركان أخرى ، و كم من زوبعة فكرية ثارت في أرجاء منطقتنا ، منطلقة من مركز فكري ما في منطقتنا .
أوروبا وجدت أن لديها تفاعل فكري مماثل في عمقه ، و إتساعه ، لتفاعلنا الفكري ، فكان هذا التفاعل أحد الأسس التي بُني عليها الإتحاد الأوروبي .
الإتحاد الأوروبي لم يكن وليد فكر قومي أوروبي ، أو ما قد نسميه بالقومية الأوروبية ، و أي متابع لأنشطة الإتحاد الأوروبي سيلحظ بسهولة أن الإتحاد الأوروبي يقف ضد الفكر القومي في أوروبا ، بشكل صريح .
الإتحاد الأوروبي كان نتاج إدراك عملي بالحاجة السياسية - الإقتصادية ، يدعم ذلك الإدراك العملي ، الإيمان بعمق التفاعل الفكري الأوروبي ، أو التراث الثقافي الأوروبي المشترك ، برغم الحواجز اللغوية ، و هذا التراث يشمل التراث الديني ، أو كما تسميه الأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوروبية : التراث اليهودي - المسيحي ، و الذي أتمنى أيضا أن يشمل الإسلامي ، لما للإسلام ، و المسلمين ، من إسهام في الإرث الثقافي الأوروبي .
نحن أيضا ، عندما ننضج فكرياً ، سوف نوجد منظمة فعالة للتعاون الإقتصادي ، و ربما السياسي ، تجمع دول المنطقة ، لإننا بحاجة لمثلها ، لا علاقة لها بأي فكر قومي ، و لو كان عربي ، و سيسهل علينا أن ننفتح على بقية العالم .
و النضوج الفكري و الديمقراطية متلازمان .
أرفض القومية لإيماني بإنها نزعة عنصرية ، تتعارض مع القيم الدينية ، و الإنسانية ، فهي تؤدي لنمو مشاعر الإنعزالية ، و الشعور بالعداء ، و الكراهية ، لمن هم خارج حدود تلك القومية .
إنها تغلق العقل ، و تجعله أسير أسوار الخصوصية الوهمية ، فتمنعه من التحليق لأعلى الأفاق الإنسانية ، و تحرم الفرد بالتالي من جني فوائد الإنفتاح على العالم ، ماضيه ، و حاضره ، و المشاركة في بناء مستقبله .
لكن رفضي لإعتناق القومية العربية ، لا يعني إنني أنكر أن هناك تاريخ ، و تراث ، يجمعان شعوب المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج ، بل و يمكن مد حدود تلك المنطقة شرقا لتشمل إيران .
لا يمكن لعاقل أن ينكر التاريخ المشترك ، و الأهم لا يمكن إنكار أن هناك تواصل حضاري بين شعوب المنطقة .
عندما ولدت فكرة القومية العربية في بلاد الشام ، لقيت الفكرة أتباع مخلصين في مصر ، و العراق ، و دول أخرى ، و عرفت بإسم الناصرية ، و البعثية ، و كان في مقابلها أفكار القوميات الفرعونية ، و الفينيقية ، و الأمازيغية ، و الفارسية ، … إلخ .
إنتشار فكر الإخوان المسلمين مثال أخر على هذا التفاعل .
و عندما قامت الثورة الإيرانية في 1979 ، وجدت - برغم الإختلاف المذهبي - صدى في بلاد المنطقة .
و الحركة التأميمية بإيران في عهد مصدق، و جدت صداها في مصر في عهد عبد الناصر .
و قديما ، في العصور الوسطى ، عندما خرج الإمام الغزالي بمصنفه الشهير تهافت الفلاسفة ، جاء رد من أقصى الغرب متمثل في كتاب تهافت التهافت لابن رشد .
الطبري ، و ابن سينا ، و البيروني ، و الخوارزمي ، و غيرهم ، أمثلة أخرى على إنتشار التفاعل الفكري .
القائمة الدالة على تفاعل شعوب المنطقة فكريا ستطول ، و الأمثلة القليلة السابقة تثبت إنه تفاعل فكري خارج عن حدود القومية العربية ، و سابق عليها ، و لا علاقة له بأي دين من الأديان المنتشرة في منطقتنا ، لأن جذوره تمتد بعيدا في تاريخنا .
لقد ثبت أن المؤثرات الحضارية المتبادلة بين شعوب منطقتنا ، قديمة قدم حضاراتنا ، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الأدلة على أن المؤثرات الفرعونية وصلت في إنتشارها شرقا حتى بلاد فارس .
و عندما سقط بيت المقدس في يد البابليين ، و ما تبعه من شتات اليهود ، ثم بعد الثورات اليهودية الفاشلة في العصر الروماني ، إنتشرت المستعمرات اليهودية في كل ركن من منطقتنا ، حتى في داخل عمق الجزيرة العربية ، و كان الوجود اليهودي في يثرب سبب في سهولة تقبل الأوس ، و الخزرج ، لرسالة خاتم المرسلين ، محمد ، صلى الله عليه و سلم .
و عندما سقطت الإمبراطورية الفارسية على يد الإسكندر الأكبر ، و خضع الفرس للنير الأجنبي لمدة خمسمائة عام ، وجد المجوس الرافضين للوثنية اليونانية ، الملجأ في شرق الجزيرة العربية ، و إختلطوا بالعرب القاطنين هناك ، ليولد مجتمع مختلط في إقليم البحرين التاريخي ، كان له تأثير على الفكر الديني في الجزيرة العربية .
و الكثير من الفرق المسيحية ولدت في منطقتنا ، و تناقشت ، و تنافست ، في منطقتنا .
العصر الهليستيني مثال ممتاز ، و غني بالأمثلة ، لأن فيه طرحت شعوب المنطقة عن نفسها أردية التقوقع ، و التعصب ، القوميين ، بشكل أكبر ، فعبرت الأديان ، و المذاهب ، و الأفكار ، الحدود الإنسانية بشكل أسرع ، فكم من أفكار ولدت في ركن ما من منطقتنا ، لتجد الإحتضان في أركان أخرى ، و كم من زوبعة فكرية ثارت في أرجاء منطقتنا ، منطلقة من مركز فكري ما في منطقتنا .
أوروبا وجدت أن لديها تفاعل فكري مماثل في عمقه ، و إتساعه ، لتفاعلنا الفكري ، فكان هذا التفاعل أحد الأسس التي بُني عليها الإتحاد الأوروبي .
الإتحاد الأوروبي لم يكن وليد فكر قومي أوروبي ، أو ما قد نسميه بالقومية الأوروبية ، و أي متابع لأنشطة الإتحاد الأوروبي سيلحظ بسهولة أن الإتحاد الأوروبي يقف ضد الفكر القومي في أوروبا ، بشكل صريح .
الإتحاد الأوروبي كان نتاج إدراك عملي بالحاجة السياسية - الإقتصادية ، يدعم ذلك الإدراك العملي ، الإيمان بعمق التفاعل الفكري الأوروبي ، أو التراث الثقافي الأوروبي المشترك ، برغم الحواجز اللغوية ، و هذا التراث يشمل التراث الديني ، أو كما تسميه الأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوروبية : التراث اليهودي - المسيحي ، و الذي أتمنى أيضا أن يشمل الإسلامي ، لما للإسلام ، و المسلمين ، من إسهام في الإرث الثقافي الأوروبي .
نحن أيضا ، عندما ننضج فكرياً ، سوف نوجد منظمة فعالة للتعاون الإقتصادي ، و ربما السياسي ، تجمع دول المنطقة ، لإننا بحاجة لمثلها ، لا علاقة لها بأي فكر قومي ، و لو كان عربي ، و سيسهل علينا أن ننفتح على بقية العالم .
و النضوج الفكري و الديمقراطية متلازمان .
أحمد محمد عبد المنعم
إبراهيم حسنين محمد علي عبد الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح
الحاء
الاسم النضالي المختصر
: أحمد حسنين الحسنية / أحمد حسنين الحسني
تاريخ الميلاد في
الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون من يونيو من عام
1969
المنفى القسري :
بوخارست - رومانيا
حزب
كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية
- رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
11-03-2010
11-03-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق