الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات
السياسية
من
خلال المتابعة - في بعض أوقات الفراغ - للبرامج العلمية التي تبثها بعض القنوات
التثقيفية ، لاحظت أن هناك ولع لدى القائمين على شئون تلك القنوات بنظرية الكوارث
الطبيعية كمسبب رئيسي لإنهيار الكيانات السياسية ، و الحضارات .
ربما يكون ذلك صحيحا - بدرجة أو أخرى - في بعض الحالات ، و لكن لا يمكن أن تعد الكوارث الطبيعية ، سبب أساسي - أو حتى فرعي - في معظم الحالات ، و لهذا فإن تلك الحالات النادرة - إن وجدت - لا يمكن أن تكون مقياس عام .
من وجهة نظري أرى أن السبب الذي يثير شهية أصحاب نظرية الكوارث الطبيعية و علاقتها بسقوط الكيانات السياسية ، و الحضارات ، القديمة ، هو غياب الوثائق الأثرية التي توثق الفترات السابقة مباشرة على سقوط تلك الكيانات ، و الحضارات ، الموغلة في القدم .
مثال على ذلك سقوط الدولة القديمة الفرعونية ، و قيام عصر الفوضى ، الذي يطلق عليه : عصر الإنتقال الأول ، تم تفسيره على يد أصحاب تلك النظرية ، بسبب تغير مناخي أدى إلى جفاف ، مما أدى لسقوط الدولة القديمة .
أصحاب تلك النظرية حين طبقوها على مصر ، أهملوا أن فترات إنخفاض النيل كانت فترات شبه معتادة طوال التاريخ المصري ، و إن أتت في معظم الأحيان على فترات متباعدة .
نجد أمثلة لفترات القحط التي ألمت بمصر في القرآن الكريم ، و في التوراة ، و كذلك في بعض الوثائق الفرعونية ، و تدل عليها المقاييس النيلية التي أقامها فراعنة مصر في أنحاء مصر المختلفة ، و لكنها لم تؤد إلى سقوط الكيانات السياسية القائمة في مصر ، و الدليل إننا حين ننتقل إلى عصور و صلت إلينا عنها معلومات أكثر ، مثل في الحقبة الرومانية ، و في أيام الدولة الفاطمية ، و كذلك في أيام الدولة المملوكية ، و الحقبة العثمانية ، نجد أدلة على أن معظم الكيانات السياسية التي كانت تحكم مصر ظلت قائمة برغم فترات القحط ، و المجاعة ، و أن السلطة لو كانت حكيمة فإنها كانت مستعدة للتعامل مع تلك الظروف ، سواء بتخزين الحبوب في أوقات الرخاء ، أو بإستيرادها من الخارج كما كان يحدث في مصر في العصور الوسطى .
لقد تحملت الدولة المملوكية ليس فقط المجاعات التي حدثت في زمنها ، بل أيضا لم تسقط بسبب وباء الطاعون الذي أصاب مصر ، و بعض مناطق آسيا ، و أوروبا ، و هو الذي عرف بالفناء الكبير .
أغلب أسباب سقوط الكيانات السياسية ، و الحضارات ، هي أسباب بشرية ، و كمثال على تلك الأسباب :
أولا : الجمود التقني ، و نجد له مثال في التاريخ المصري الفرعوني ، و مثال أحدث نسبيا في الدولة المملوكية البرجية ، أو الثانية ، التي أهملت التطور الكبير الذي حدث في ميدان التسليح ، فكان أن سقطت على يد كيان أكثر تقدما منها ، و أعني الدولة العثمانية ، و هو المثال الذي تكرر مرة أخرى مع مماليك القرن الثامن عشر الميلادي في مواجهتهم للغزو الفرنسي في 1798 .
ثانيا : أسباب إقتصادية تؤدي إلى نضوب ، أو شبه نضوب ، لموارد الدولة ، مثل تغير طرق التجارة ، كما حدث أيضا مع الدولة المملوكية الثانية ، حين إنتقلت معظم تجارة أوروبا مع آسيا إلى طريق رأس الرجاء الصالح .
ثالثا : تحلل النظام الحاكم من الداخل ، و هو تحلل يؤدي إلى أحد طريقين :
الطريق الأول في حال عدم تعرض الدولة لغزو خارجي أقوى منها ، عندها يبدأ عصر الفوضى ، و هو ما حدث في مصر و أدى إلى سقوط الدولة القديمة ، و له أمثلة أيضا في تاريخ الصين ، وهو عصر ينتهي بعودة ظهور السلطة المركزية القوية ، و قد يقوم بمهمة إستعادة السلطة المركزية القوية شخص واحد ، كما حدث على يد مؤسس الأسرة الثانية عشرة الفرعونية الذي أنهى عصر الفوضى ، أو تدريجيا كم حدث في فرنسا على يد ملوك فرنسا الذين بسطوا نفوذ السلطة المركزية تدريجيا ، و أحيانا ما كانت جهودهم تتعرض لإنتكاسات تعيد الوضع الفرنسي الداخلي للوراء ، قبل أن تعاود السلطة المركزية محاولاتها الدائبة .
الطريق الثاني في حال تعرض الدولة لغزو خارجي أقوى منها في فترات الفوضى ، عندها يأتي الإحتلال ، كما حدث في نهاية عهد الإنتقال الثاني ، حين غزا الهكسوس مصر ، و مع الدولة العباسية في العراق التي سقطت على يد المغول .
رابعا : لا يلزم لسقوط الكيان السياسي أن يمر بفترات تحلل طويلة الأمد ، فقد يكون السقوط نتيجة ضربة مفاجئة قوية ، من الخارج كما في حال تعرض الكيان لغزو خارجي أقوى منه ، و برغم تماثل طرفي الصراع في المستوى التقني ، و مثال على ذلك سقوط الدولة الخوارزمية على يد المغول ، أو بضربة من الداخل مثل بالإنقلابات الداخلية ، كما حدث مع نظام أسرة محمد علي في مصر ، أو بثورات شعبية ، كما حدث في فرنسا في القرن الثامن عشر للميلاد .
خامسا : أن يدرك الممسكين بدفة الحكم ضرورة التغيير ، و يؤدي هذا التغيير إلى سقوط النظام ، كما حدث مع الإتحاد السوفيتي .
كما نرى ، فإن معظم الأسباب التي تؤدي لسقوط الكيانات السياسية هي أسباب بشرية ، و يؤكد ذلك إنه و كلما إزدادت المعلومات المتاحة عن أي حقبة تاريخية ، ضعفت نظرية الكوارث الطبيعية كمسبب أساسي لسقوط الكيانات السياسية ، فمثلا لم يفسر مؤرخ يحترم نفسه سقوط الدولة الرومانية في الغرب ، أو الشرق ، بسبب الكوارث الطبيعية .
ما يغري بعض شركات الإنتاج التلفزيوني على الترويج لنظرية الكوارث الطبيعية ، هو ما لتلك النظرية من تشويق ، و لما تبعثه من خوف في نفوس بعض المشاهدين ، و هو تشويق مفقود ، و خوف لا وجود له ، حين يعرض على المشاهد الأسباب الحقيقية لسقوط الأنظمة ، فيعلم الإنسان أن مصير الكيانات السياسية ، و بالتالي رفاهيته ، هو في يد البشر في معظم الأحوال .
ربما يكون ذلك صحيحا - بدرجة أو أخرى - في بعض الحالات ، و لكن لا يمكن أن تعد الكوارث الطبيعية ، سبب أساسي - أو حتى فرعي - في معظم الحالات ، و لهذا فإن تلك الحالات النادرة - إن وجدت - لا يمكن أن تكون مقياس عام .
من وجهة نظري أرى أن السبب الذي يثير شهية أصحاب نظرية الكوارث الطبيعية و علاقتها بسقوط الكيانات السياسية ، و الحضارات ، القديمة ، هو غياب الوثائق الأثرية التي توثق الفترات السابقة مباشرة على سقوط تلك الكيانات ، و الحضارات ، الموغلة في القدم .
مثال على ذلك سقوط الدولة القديمة الفرعونية ، و قيام عصر الفوضى ، الذي يطلق عليه : عصر الإنتقال الأول ، تم تفسيره على يد أصحاب تلك النظرية ، بسبب تغير مناخي أدى إلى جفاف ، مما أدى لسقوط الدولة القديمة .
أصحاب تلك النظرية حين طبقوها على مصر ، أهملوا أن فترات إنخفاض النيل كانت فترات شبه معتادة طوال التاريخ المصري ، و إن أتت في معظم الأحيان على فترات متباعدة .
نجد أمثلة لفترات القحط التي ألمت بمصر في القرآن الكريم ، و في التوراة ، و كذلك في بعض الوثائق الفرعونية ، و تدل عليها المقاييس النيلية التي أقامها فراعنة مصر في أنحاء مصر المختلفة ، و لكنها لم تؤد إلى سقوط الكيانات السياسية القائمة في مصر ، و الدليل إننا حين ننتقل إلى عصور و صلت إلينا عنها معلومات أكثر ، مثل في الحقبة الرومانية ، و في أيام الدولة الفاطمية ، و كذلك في أيام الدولة المملوكية ، و الحقبة العثمانية ، نجد أدلة على أن معظم الكيانات السياسية التي كانت تحكم مصر ظلت قائمة برغم فترات القحط ، و المجاعة ، و أن السلطة لو كانت حكيمة فإنها كانت مستعدة للتعامل مع تلك الظروف ، سواء بتخزين الحبوب في أوقات الرخاء ، أو بإستيرادها من الخارج كما كان يحدث في مصر في العصور الوسطى .
لقد تحملت الدولة المملوكية ليس فقط المجاعات التي حدثت في زمنها ، بل أيضا لم تسقط بسبب وباء الطاعون الذي أصاب مصر ، و بعض مناطق آسيا ، و أوروبا ، و هو الذي عرف بالفناء الكبير .
أغلب أسباب سقوط الكيانات السياسية ، و الحضارات ، هي أسباب بشرية ، و كمثال على تلك الأسباب :
أولا : الجمود التقني ، و نجد له مثال في التاريخ المصري الفرعوني ، و مثال أحدث نسبيا في الدولة المملوكية البرجية ، أو الثانية ، التي أهملت التطور الكبير الذي حدث في ميدان التسليح ، فكان أن سقطت على يد كيان أكثر تقدما منها ، و أعني الدولة العثمانية ، و هو المثال الذي تكرر مرة أخرى مع مماليك القرن الثامن عشر الميلادي في مواجهتهم للغزو الفرنسي في 1798 .
ثانيا : أسباب إقتصادية تؤدي إلى نضوب ، أو شبه نضوب ، لموارد الدولة ، مثل تغير طرق التجارة ، كما حدث أيضا مع الدولة المملوكية الثانية ، حين إنتقلت معظم تجارة أوروبا مع آسيا إلى طريق رأس الرجاء الصالح .
ثالثا : تحلل النظام الحاكم من الداخل ، و هو تحلل يؤدي إلى أحد طريقين :
الطريق الأول في حال عدم تعرض الدولة لغزو خارجي أقوى منها ، عندها يبدأ عصر الفوضى ، و هو ما حدث في مصر و أدى إلى سقوط الدولة القديمة ، و له أمثلة أيضا في تاريخ الصين ، وهو عصر ينتهي بعودة ظهور السلطة المركزية القوية ، و قد يقوم بمهمة إستعادة السلطة المركزية القوية شخص واحد ، كما حدث على يد مؤسس الأسرة الثانية عشرة الفرعونية الذي أنهى عصر الفوضى ، أو تدريجيا كم حدث في فرنسا على يد ملوك فرنسا الذين بسطوا نفوذ السلطة المركزية تدريجيا ، و أحيانا ما كانت جهودهم تتعرض لإنتكاسات تعيد الوضع الفرنسي الداخلي للوراء ، قبل أن تعاود السلطة المركزية محاولاتها الدائبة .
الطريق الثاني في حال تعرض الدولة لغزو خارجي أقوى منها في فترات الفوضى ، عندها يأتي الإحتلال ، كما حدث في نهاية عهد الإنتقال الثاني ، حين غزا الهكسوس مصر ، و مع الدولة العباسية في العراق التي سقطت على يد المغول .
رابعا : لا يلزم لسقوط الكيان السياسي أن يمر بفترات تحلل طويلة الأمد ، فقد يكون السقوط نتيجة ضربة مفاجئة قوية ، من الخارج كما في حال تعرض الكيان لغزو خارجي أقوى منه ، و برغم تماثل طرفي الصراع في المستوى التقني ، و مثال على ذلك سقوط الدولة الخوارزمية على يد المغول ، أو بضربة من الداخل مثل بالإنقلابات الداخلية ، كما حدث مع نظام أسرة محمد علي في مصر ، أو بثورات شعبية ، كما حدث في فرنسا في القرن الثامن عشر للميلاد .
خامسا : أن يدرك الممسكين بدفة الحكم ضرورة التغيير ، و يؤدي هذا التغيير إلى سقوط النظام ، كما حدث مع الإتحاد السوفيتي .
كما نرى ، فإن معظم الأسباب التي تؤدي لسقوط الكيانات السياسية هي أسباب بشرية ، و يؤكد ذلك إنه و كلما إزدادت المعلومات المتاحة عن أي حقبة تاريخية ، ضعفت نظرية الكوارث الطبيعية كمسبب أساسي لسقوط الكيانات السياسية ، فمثلا لم يفسر مؤرخ يحترم نفسه سقوط الدولة الرومانية في الغرب ، أو الشرق ، بسبب الكوارث الطبيعية .
ما يغري بعض شركات الإنتاج التلفزيوني على الترويج لنظرية الكوارث الطبيعية ، هو ما لتلك النظرية من تشويق ، و لما تبعثه من خوف في نفوس بعض المشاهدين ، و هو تشويق مفقود ، و خوف لا وجود له ، حين يعرض على المشاهد الأسباب الحقيقية لسقوط الأنظمة ، فيعلم الإنسان أن مصير الكيانات السياسية ، و بالتالي رفاهيته ، هو في يد البشر في معظم الأحوال .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين محمد علي عبد
الرحمن الحسني ؛ اسم العائلة : الحسنية ، و ينطق بفتح
الحاء
الاسم النضالي المختصر : أحمد حسنين الحسنية / أحمد
حسنين
الحسني
الاسم في الأوراق الرسمية : أحمد محمد عبد المنعم
إبراهيم
تاريخ الميلاد في الأوراق الرسمية : الحادي و العشرون
من يونيو من عام
1969
المنفى القسري : بوخارست -
رومانيا
حزب كل مصر - حكم ، شعار
الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم -
إستعيدوا
مصر
15-11-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق